متى تعود النساء إلى العمل في تركيا؟

"مجلة جنى" شهدت تركيا نموا اقتصاديا هائلا على مدى العقدين الماضيين، لكن عدد النساء المشاركات في سوق العمل لا يزال هو الأدنى بين دول أعضاء منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

وتقلصت نسبة مشاركة المرأة في القوى العاملة بدولة تركيا، منذ عام 1955 حتى عام 2018، من 72% وحتى 35%، وهو أقل معدل بين بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وذلك على الرغم من تحقيق تركيا، نموا اقتصاديا قياسيا خلال العقد الماضي.

وبحسب «TRT World»، فلا يسع مراقبون سوى تخيل مدى حجم النجاح الذي قد تحققه تركيا إذا استفادت من أعداد القوى العاملة من السيدات في اقتصادها.

وبالنظر إلى أهداف رؤية الحكومة «2023» الطموحة، فإن هذه المشكلة تشكل مصدر قلق كبير للمستقبل، حيث من المفترض أن تمثل مشاركة المرأة في القوى العاملة دفعة مهمة ونتائج جذرية لمقاييس النمو والتنمية في البلاد.

وتُعد الطريقة الأكثر استدامة وربما الأبسط لجذب المزيد من الناس إلى القوى العاملة التركية، هي عن طريق تشجيع المزيد من النساء للانضمام إليها.

ومن المرجح أن يعمل الرجال الأتراك أكثر من النساء، حتى بعد احتساب متغيرات مثل التعليم: ففي عام 2013 ، كان 63% من الرجال ذوي خلفية تعليمية تقل عن مرحلة المدارس الثانوية، يعملون في إسطنبول، في حين أن 17% فقط من النساء الحاصلات على نفس درجة الخلفية التعليمية كن  يعملن.

ولكن قبل محاولة جذب المزيد من النساء للقوى العاملة للدولة، يجب على صناع السياسة النظر في التأثيرات التي قد تكون خارج نطاق السياسة.

على سبيل المثال، تظهر الأبحاث أن للدين تأثيرا كبيرا على مشاركة المرأة في القوى العاملة، لكن الدراسة أظهرت أن تركيا، البلد الذي أبدى فيه المشاركون في الدراسة آراء أقل تأثرا بالجنس أو الدين مقارنة بالمشاركين في الدراسة من دول أخرى مثل إيران والعراق، كان عدد النساء اللائي يعملن منهن أقل من المتوقع.

كما أن هناك عوامل أخرى وراء مشاركة المرأة التركية المنخفضة في القوى العاملة، والذي قد يكون أكثر دقة من المواقف الدينية أو التحيز الجنسي، كالاهتمام بما يفكر فيه الناس غريزيا في المجتمع التركي.

ووفقا لهذه النظرية، فإن عملية مشاركة المرأة التركية في قوة العمل تأتي على شكل «U»، وهو ما يتمثل في تأثير التغيرات البنيوية في الاقتصاد.

وبينما يتطور الاقتصاد للبلاد من اقتصاد زراعي إلى اقتصاد صناعي، تنقطع الكثير من النساء عن القوى العاملة حيث يتولى الرجال معظم الوظائف الصناعية بسبب عدم امتلاك النساء المهارات المناسبة وكذلك بسبب الوصمة الاجتماعية لتلك الوظائف باعتبارها ذكورية لا مكان للنساء فيها.

ولكن مع التنمية المستدامة، يمثل تحقيق المرأة مكاسب تعليمية واستغلال وقتها في السوق، تزايدا متوازيا مع نسبة الطلب عليهن من قبل مؤسسات الصناعات الخدمية المتنامية، وبالتالي فإن مشاركة المرأة التركية في سوق العمل تعتمد على فرضيات تأخذ شكل «U».

وعلى الرغم من عدم إثباتها، فقد أوضحت هذه الفرضية نمط مشاركة المرأة في القوى العاملة في مختلف البلدان، وقد تشهد تركيا أيضا نموا في مشاركة المرأة في القوى العاملة مع استمرار التنمية الحالي، وهو ما تشير إليه بعض الدلائل، لكن هذا الأمر ما زال ينتظر الكثير من المجهودات لتحقيقه.

ويشير الموقع التركي، في نسخته الإنجليزية، أنه حتى لو كانت أبسط طريقة لجذب المزيد من الناس إلى القوى العاملة التركية هي تشجيع المزيد من النساء للانضمام، لكن الحلول، من أجل أن تكون فعالة، يجب أن تعطي الأولوية للمجموعات الفرعية من السكان، مع إمكانية أكبر لتحسين ظروف العمل مع استخدام أقل قدر من الموارد.

إلى ذلك، يعيش 3 من كل 4 أتراك في المدن، فيما تعاني السيدات في تلك النسبة من البطالة وعدم التوظيف.

بالإضافة إلى ذلك، في العديد من البلدان، كانت الزيادة في مشاركة النساء في القوى العاملة مدفوعة بزيادة كبيرة ومستمرة في مشاركة النساء المتزوجات في القوى العاملة.

وبحسب دراسات سابقة، فإنه من غير المرجح أن تعمل المرأة الحامل في إسطنبول، وذلك بنسبة 8%، كما تقل احتمالات أن تعمل المرأة التي لديها طفل دون الخامسة من العمر بنسبة 6% مقارنة مع امرأة متزوجة بلا أطفال.

ويشير التقرير إلى أن المرأة الحضرية ذات المهارات العالية تواصل العمل أثناء بدايات الحمل، لكنها تتوقف بمجرد أن تلد.

وبالنسبة للنساء ذوات المهارات المنخفضة في المناطق الحضرية، يرتبط إنجاب طفل بتخفيض احتمال العمل بنسبة 8% مقارنة بعدم وجود أطفال.

إذن، يبدو أن الأمومة هي العامل الأكثر أهمية عندما يتعلق الأمر بمشاركة المرأة في القوى العاملة في تركيا.