الأصفر يكتسب قوة بمباركة النجمات والدوقات

رموزه كثيرة ودرجاته متنوعة... وتأثيره واحد

"مجلة جنى" منذ السبعينات لم يعرف اللون الأصفر هذه القوة والمكانة في ساحة الموضة، لكن على ما يبدو لا شيء يبقى ساكناً أو منسياً في عالم الموضة، بدليل أنه عاد ليتسلطن هذا الصيف، وليس بعيداً أن يبقى معنا لعدة مواسم قادمة.

ما تؤكده الموضة دائماً أن الطبيعة ملهمها الأول. تستقي منها أشكالها وتغرف من ألوانها ما يناسب الحياة اليومية والأناقة العصرية. ويبدو أن هذا هو سر قوة اللون الأصفر هذا الصيف. فقد جاء يتراقص على درجات أشعة الشمس حيناً والفواكه الطازجة حيناً آخر. ورغم أنه يقترن بالصيف منذ زمن فإنه زاد توهجاً وقوة هذا الموسم، بعد أن تسلل إلى المشهد بدايةً بدرجات ناعمة شجّعت المصممين على ضخه بقوة أكبر. ولحسن حظهم باركته أيقونات الموضة في الفن والسياسة وعلى رأسهن كايت ميدلتون، دوقة كامبردج، وميغان ماركل، دوقة ساسيكس مؤخراً ليتم تقبله أكثر ويسهل تسويقه على أنه لون يرمز إلى التألق والإبداع على حد سواء. يستخدمه المصممون غالباً للتعبير عن طاقاتهم الفنية والتنفيس عنها، وإن برهن على تأثيره ليس في الموضة فحسب بل أيضاً في مناحٍ أخرى مثل الإعلانات وشعارات المنتجات العالمية.

وتختلف دلالة اللون الأصفر بين الثقافات والمناطق المختلفة في العالم، إذ بينما يرتبط في بعض الدول الأوروبية بمفهوم الخداع والجبن والضعف، يرتبط في مناطق أخرى من نفس القارة بالأمل والتألق والسعادة، أما في اليابان فيعبّر عن الشجاعة والثقة.

في الأعوام القريبة الماضية غازلت الماركات العالمية محبيها باللون الأصفر ولكنه لم يتحول إلى صيحة مسيطرة سوى أواخر العام الماضي لتكتمل سيطرته هذا العام، لا سيما بعد ظهور عدد كبير من النجمات بدرجات متفاوتة منه. لكن لا يمكن الحديث عن اللون الأصفر ككتلة واحدة، فمثل باقي الألوان، يأتي بدرجات متنوعة تتباين بين أشعة الشمس والموز والليمون والمستردة على المرأة أن تأخذها بعين الاعتبار حتى تتألق فيه. في هذا الصدد تقول منسقة الأزياء المصرية ياسمين عيسى لـ«الشرق الأوسط» إن اللون الأصفر بدرجاته يعد الصيحة الأقوى هذا العام، لا سيما بعد أن اعتمده عدد من النجمات في إطلالات بارزة التفت إليها العامة. وتؤكد أن نقطة جاذبيته تعود إلى أنه يستمد قوته من أشعة الشمس، الأمر الذي يضفي توهجاً وألقاً على بشرة المرأة. بيد أنها تشير إلى أن هذا لا يعني أن كل درجات الأصفر تناسب كل ألوان البشرة، وبالتالي لا بد من توخي الحيطة. فاختياره يجب أن يخضع لعدة حسابات تضمن نتيجة مُرضية، مثل التي حققتها عندما اختارته ليكون لون أحدث الإطلالات التي نسقتها للممثلة المصرية دنيا سمير غانم. فقد اختارت لها سترة وبنطلوناً واسعاً بدرجة الخردل، الذي تعتبره من أكثر الدرجات التي تناسب الفتاة الشرقية. وتشرح ياسمين: «لم أقلق إطلاقاً من اختيار الأصفر، لا سيما أنني حاولت اختيار تصميم يلائم قوام دنيا سمير غانم، وكنت أدرك جيداً أن هذه الإطلالة رغم جرأتها ستضفي لمسة من العصرية على نجمة شابة مثلها».

بدرجات متوهجة لا تتناغم مع البشرة، فإن تنسيق اللون الأصفر مع تصميم غير ملائم من شأنه أن يجعله غير موفق ومشوشاً للعين.

هكذا تقول ياسمين، مضيفة أن «درجة الأصفر الذهبي الذي يميل إلى لون أشعة الشمس، وأيضاً الأصفر الخردلي هما اختياران يعطيان نتائج مضمونة على العكس من الدرجات المتوهجة والصارخة التي تحتاج إلى الكثير من التنسيق والحذر».

بالنسبة إلى المرأة التي لا تزال غير مقتنعة بهذا اللون وينتابها بعض القلق منه، تقول ياسمين إنه لا داعي للخوف منه لأنه «لون مطاط يناسب كل الأوقات والمناسبات، بشرط تحقيق التوازن بين درجته والتصميم، والدليل على ذلك الإطلالات المتنوعة التي ظهرت بها أيقونات الموضة في العالم وجاءت جميعها أنيقة ولافتة بشكل إيجابي». من هؤلاء نذكر عارضة الأزياء بيلا حديد التي ظهرت مؤخراً بتايور أصفر فسفوري بتوقيع علامة «ديور»، ودوقة كامبريدج، كايت ميدلتون، التي تألقت بفستان أصفر بتوقيع علامة «دولتشي أند غابانا».

من جهتها اختارت عارضة الأزياء كيندال جينير سترة رياضية من مجموعة دار «بالينسياغا» لربيع 2018. بينما فاجأت الممثلة الأميركية ميشيل موناغان الحضور في حفل «غولدن غلوب» بإطلالة تعتمد على الأصفر الصريح من الرأس إلى القدم بتوقيع دار «براندون ماكسويل»، فيما ظهرت عارضة الأزياء جيجي حديد خلال حفل علامة «مايبيلين» بفستان وسترة باللون الأصفر الخردلي.

وأخيراً وليس آخراً، فاجأت دوقة ساسيكس ميغان ماركل، الجميع بالتخلي عن الألوان الرسمية والناعمة التي اعتادت على الظهور بها منذ زواجها، بإطلالة ساطعة باللون الأصفر الصريح، عبارة عن فستان من دار «براندون ماكسويل» عندما حضرت بصحبة زوجها الأمير هاري مناسبة رسمية. كل من ماركل وميدلتون سرقتا الأضواء لأنهما خففتا من توهج اللون باعتمادهما تصميمين بسيطين خاليين من أي تفاصيل إضافية.

ولا يمكن أن نتجاهل هنا اختيار السيدة الأولى للولايات المتحدة الأميركية ميلانيا ترمب له في إطلالتين رسميتين في أسبوع واحد، الأمر الذي فسره البعض بأنه رسائل ناعمة وقوية في الوقت ذاته، تعكس رغبتها في إضافة بعض التفاؤل والبهجة لتكسر جدّيتها أو بالأحرى كلاسيكيتها التي تعتمد عادةً على ألوان الكاكي، والكريمي، والأسود وغيرها.

لكنها على العكس من ماركل وكايت ميدلتون، اختارت فستاناً من تصميم «جي مانديل» بدرجة خفيفة، لدى حضورها حفل عشاء في قصر بلاينهايم.

ثم تكرر اللون عندما ظهرت خلال لقاء رسمي يجمع زوجها مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، وهي ترتدي معطفاً صيفياً بلون الأصفر الباستيل بتوقيع دار «غوتشي»، نسّقته مع حذاء بكعب عالٍ من نفس اللون.

وتُعلق خبيرة الأزياء ياسمين عيسى أنه بعد أن أثبت الأصفر قوته وتأثيره الجمالي، فإنه سيبقى في ساحة الموضة في الخريف والشتاء القادمين، وإن كانت درجاته ستختلف بعض الشيء.