ما هو سر ترتيب هذه الشعوب على مقياس السعادة؟

"مجلة جنى" نشرت القافلة أكثر من موضوع عن "السعادة" في العددين السابقين، ومن المؤكد أنه ليست هناك كلمة فاصلة في ذلك الأمر، ومن الطريف أن السعادة ليس لها بيت، تقيم فيه وتستقر. فعندما كتب أسامة أمين، تناول السعادة في الدانمارك، فنبهته أسماء البيطار إلى أن التقرير الأحدث كشف احتلال النرويج للمرتبة الأولى. ورأت أن الدانمارك "هبطت" إلى المرتبة الثانية، وأجدني مضطرة إلى أن أنبِّهها إلى أن السعادة قد هاجرت من النرويج إلى فنلندا، حسب التقرير الأخير. وعموماً يبدو أن الدول الإسكندنافية تتبادل استضافتها، فيشعر السكان الأصليون والمهاجرون بهذا الشعور الذي يقيسه التقرير السنوي حسب الرفاهية الشخصية من جانب، علاوة على تفسير هذا الشعور من جانب آخر، من خلال القوة الاقتصادية والدعم الاجتماعي الذي يتلقاه الأفراد، ومتوسط العمر المتوقع، وحرية الاختيار كما ورد في تقرير لموقع "بي بي سي".

كان من الطبيعي أن يعلِّق أحد القرّاء لينبِّه إلى أن "التقي هو السعيد"، كما ورد في تعليق مصطفى البواب من مصر، في تعليقه بعنوان (عن السعادة أتحدث)، ليذكِّر الآخرين بالبُعد الديني المتأصل في ثقافتنا العربية، انطلاقاً من أن "العيش عيش الآخرة"، أما أسماء البيطار، فاختتمت تعليقها على مقال السعادة في الدانمارك، بأن "السعادة خيار وقرار"، وأن الباحث عن السعادة ضائع، "والضائع لن يجد شيئاً حتى ولو وصل بالصدفة إلى الدانمارك"، وهو كلام له إيقاع صوتي جميل، لكني لم أفهم ما وراء ذلك من فلسفة.

إلا أنَّ هدفي ليس التعليق فقط على ما ورد هنا أو هناك، بل أود أن أكشف لكم ما تفتشون عنه، من خلال نقاط محدَّدة، أزعم أنها جديرة بالتفكير، وهي ليست من ابتكاري أو إبداعي، بل حصيلة قراءات متعدِّدة، بعضها جاد، وبعضها يهدف إلى رسم الابتسامة على وجوهكم:

- السعادة شعور يمكن تعلمه، من خلال اكتساب القدرة على التفاؤل، ورؤية نصف الكوب الممتلئ بدلاً من التركيز على النصف الفارغ.

- أَحْبِبْ نفسك وتقبلها كما هي، بكل ما فيها من قصور ونواقص. يمكنك أن تصلح نفسك، لكن لا تكرهها، لأنك إن فعلـت ذلك، فقــدت القدرة على السعادة.

- ممارسة الرياضة لا تساعد على الحفاظ على الصحة البدنية فحسب، بل ترفع الروح المعنوية والحالة النفسية.

- الابتسـام والضحــك لأي سبب مهما كان، يجعلك أسعد.

- اكتب يومياً ما مر بك من مواقف سعيدة، لتكتشف أن اليوم كان أفضل بكثير مما كنت تعتقد، وبعد أسبوع أو شهر، ستجد حصيلة متزايدة من المواقف السعيدة، التي يسهم الاطلاع عليها في تكرارها.

- استمتع حتى بالأمور الصغيرة، وعليك إدراك النعم التي أنت فيها، مجرد القدرة على المشي والحركة، وعلى تناول الطعام، وعلى رؤية من حولك، أمور تستحق السعادة والشكر.

- حاول أن تدرك جدوى ما تفعل، لأن إنجاز العمل الذي له جدوى، يجعلك تشعر بالسعادة، على عكس الشعور بأن ما تفعله لا أهمية أو قيمة له.

- توقف عن الرغبة في أن تكون دوماً على حق، وأدرك أنك لست حكيم هذا الزمان، وعندها ستصبح أكثر تقبلاً للرأي الآخر.

- تربية حيوان أليف يجلب السعادة، فهو يقبل عليك حين تدخل البيت، وينظر إليك بحب كل حين، ولا يناقشك في قراراتك، ولا يرتفع شخيره في الليل، ولا يطلب منك المال، ولا ينتظر منك الهدايا، ولا يجعلك تعاني من الوحدة أبداً، ويجعلك تشعر بالمسؤولية تجاهه.

- تخلص من الكراهية والغل والحقد فكلها تتناقض مع الشعور بالسعادة.

- تمتع بالقدرة على الصبر ورؤية الجانب الإيجابي حتى في أصعب المواقف.

- إياك وأن تربط سعادتك باقتناء السلع الاستهلاكية التي لا تقدر على أن تمنح السعادة الدائمة، بل يكون شعوراً مؤقتاً، ينتهي أسرع مما تتخيل، وتضطر إلى البحث من جديد عما تقتنيه.

- استمتع بما تملك، وحاول رؤية الوجه الجميل لهذه الحياة دون سفر إلى الدانمارك أو النرويج أو فنلندا، لأن السعادة قادرة على أن تسكن قلبك، أينما كنت.

**حقوق النشر محفوظة لمجلة القافلة، أرامكو السعودية