المرأة الاردنية فاعلة نيابيا ووزاريا وضعيفة حزبيا

عمان - نسمة تشطة - "مجلة جنى" منذ بداية تاسيس إمارة شرق الأردن عام 1921، شاركت المرأة الأردنية بأدوار مختلفة في الحياة العامة، خاصة في الجمعيات الخيرية، وقد تأسست الجمعية الأردنية للاتحاد النسائي بداية الأربعينيات. ومن بعدها زاد عدد الجمعيات الخيرية النسائية ذات الأهداف المتعددة، ومن ثم بدأت مشاركة المرأة في الأحزاب السياسية القومية واليسارية منذ الخمسينيات، وخرجت في المسيرات لتطالب بحقوقها السياسية والاجتماعية.

وفي ظل التطورات الدولية والاقليمية والداخلية التي شهدها الأردن والعالم، باتت حقوق المرأة الأردنية هاجساً وهدفاً رئيسياً من أهداف التنمية السياسية في المملكة، وعليه صدرت العديد من القوانين والتشريعات التي منحت المرأة الأردنية حقوقاً سياسية كحق الانتخاب والترشح، وفي آخر تعديل على قانون الانتخاب الأردني رقم (9) لعام 2010 زادت "الكوتا" النسائية من ستة مقاعد إلى اثنتي عشر مقعداً، لكن إلى مدى تم تطبيق هذه القوانين والتشريعات على أرض الواقع ؟ وما هو حجم الحقوق السياسية التي حصلت عليها المرأة الأردنية في الواقع عبر تاريخ الدولة الأردنية ؟ ومن هي الجهة المسؤولية عن ضعف مشاركة المرأة الأردنية في الحياة السياسية في حال حدوث هذه الضعف ؟

لقد تم استبعاد المرأة الأردنية من المشاركة السياسية لعقود طويلة منذ تأسيس إمارة شرق وقد يكون السبب المباشر في ذلك إن المجتمع الأردني في فترة إمارة شرق الأردن كان ذا طابع ريفي وبدوي فغلب على أفعاله وأقواله الصرامة والمنع والمحرمات ضد المرأة وفقاً للعادات والتقاليد ، وبالتالي فقد كانت المشاركة السياسية في مرحلة ما قبل الاستقلال حكراً على الرجال. ولم يتغير الوضع كثيراً في مرحلة ما بعد الاستقلال، فبقيت المرأة محرومة من حقوقها السياسية وغيرها حتى عام 1955 عندما مُنحت المرأة المتعلمة تعليماً أساسياً الحق في التصويت، ولكن لم تمنح الحق في الترشح للانتخابات ولم تمارس حقها الكامل في التصويت والترشح في الانتخابات إلا عام 1974 .

وفي قراءة لحضور المراة في مجلس النواب منذ عودة الحياة الديمقراطية عام 1989 حتى انتخابات 2010 يمكن ملاحظة مايلي: في عام 1989 شاركت النساء في الانتخابات تصويتاً وترشيحاً حيث ترشحت 12 امرأة ولكن لم تفز أية امرأة في هذه الانتخابات، وفي عام 1993 ترشحت ثلاثة سيدات وفازت سيدة واحدة، وفي عام 1997 ترشحت سبعة عشر امرأة ولكن لم تفز أية مرشحة، وفي انتخابات عام 2003 ترشحت 54 ، وتم خلال هذه الانتخابات طرح نظام "الكوتا" والذي سمح بدخول ستة نساء إلى مجلس النواب ولكن ليس خارج نظام "الكوتا" بل بمساعدة "الكوتا"، وفي عام 2007 ترشحت 199 امرأة وفازت ستة نساء على أساس نظام "الكوتا"، في حين فازت مرشحة واحدة بالتنافس الحر، وفي انتخابات 2010 حصلت السيدات على 13 مقعداً من أصل 78 مقعداً بعد أن فازت المرشحة ريم بدران بالتنافس الحر، كذلك كان وجودها ضعيفاً في مجلس الأعيان والمجالس البلدية.

اما فيما يتعلق بمشاركة المرأة الأردنية في السلطة التنفيذية فقد استمرت المناصب الوزارية حكراً على الرجال حتى عام 1980، حيث تم في هذه السنة تعيين أول امرأة في منصب وزاري وهي وزارة التنمية الاجتماعية ، ولم تحصل المرأة سوى على حقيبة وزارية واحدة في كل تعديل وزاري حتى عام 2009 حيث بلغ عدد النساء اللاتي تقلدن مناصب وزارية في حكومة نادر الذهبي أربع سيدات.

اما ما يتعلق بمشاركتها في الاحزاب السياسية فلا تزال متدنية بشكل كبير على الرغم من أن قانون الأحزاب أعطى المرأة الحق في المشاركة في تأسيس الأحزاب والانتساب لها، رغم ذلك إلا أن الإحصائيات تشير إلى أن نسبة مشاركة النساء في الهيئات التأسيسية للأحزاب لا تزيد عن 10 %.، ومن الملاحظ أن أغلب الأحزاب السياسية المرخصة في الأردن لا تعالج قضية المرأة بشكل جدي وفعال ومستقل في برامجها، ولا تتعدى الإشارة لقضية المرأة في معظم الأحزاب الأردنية مرحلة الشعارات .

اما المعوقات والتحديات التي تحول دون زيادة مشاركة المرأة الأردنية في الحياة السياسية لعل أبرزها: سيادة الثقافة الأبوية في المجتمع الأردني مستندةً في ذلك للثقافة الدينية والاجتماعية والاقتصادية، والواقع الثقافي والاجتماعي للمجتمع الأردني الرافض لعمل المرأة السياسي، وقلة خبرة المرأة الأردنية في الميدان السياسي فهي بحاجة إلى مزيد من التثقيف والتدريب في هذا الميدان، كذلك حصر مرشحي الأحزاب والعشائر والجمعيات والمنظمات في الذكور دون الإناث، وتبعية المرأة للرجل في اختيار المرشحين ، وعدم تقبل الرجل لعمل المرأة في الحياة السياسية وعدم تقبل المجتمع أيضا لعمل المرأة في الحياة السياسية.

ان محدودية التجربة السياسية لمؤسسات المجتمع المدني في الأردن، حيث تعاني الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني الأخرى من الضعف وعدم الاستقرار مما ينعكس بشكل سلبي على الارتقاء بدور المرأة في السلم السياسي، مع عدم إغفال ضعف نشاط المرأة في الميدان الاقتصادي أدى إلى تبعيتها للرجل ، وبالتالي صعوبة اعتمادها على نفسها في تقرير ما هو مناسب لها نتيجة لقلة الموارد المالية بين يديها والتي تمنعها من اتخاذ قراراتها بعيدا عن الرجل .

ويمكن القول ان القوانين والتشريعات الأردنية النافذة أنصفت المرأة الأردنية ، وأعطتها حقوقا سياسية عديدة مثلها مثل الرجل ، ولكن التطبيق والواقع المعاش ظلمها وحرمها كثيراً من هذه الحقوق . وبالتالي فإن الغياب النسبي للمشاركة السياسية للمرأة الأردنية لا يعود إلى عقبات قانونية، و إنما إلى عقبات بنائية وثقافية واجتماعية مرسخة في وجدان أفراد المجتمع الأردني، والتي تمنع من تحقيق المساواة والعدالة بين الرجل والمرأة.