سرطان الثدي... "الأوّل" في الجزائر

"مجلة جنى" طوال شهر أكتوبر/ تشرين الأول الوردي المنصرم، كانت الجزائر في حالة تأهّب، لا سيّما أنّ 12 ألفاً و800 إصابة جديدة بسرطان الثدي سُجّلت في العام الجاري. يُذكر أنّ عدد الإصابات في عام 1995 كان 300 حالة، الأمر الذي يدفع خبراء جزائريين في هذا الإطار إلى إطلاق دعوات من أجل زيادة عمليات التوعية حول هذا المرض والتشجيع على خضوع النساء إلى فحص الكشف المبكر.

يكشف تقرير حكومي جزائري عرضته مديرة قسم الأمراض غير المنقولة في وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، جميلة نذير، في مؤتمر طبّي حول سرطان الثدي بمناسبة الشهر الوردي، عن تسجيل أكثر من 42 ألفاً و800 إصابة جديدة بالأمراض السرطانية عموماً في البلاد، مع زيادة هذا العام بنسبة سبعة في المائة. ولفتت نذير إلى أنّ سرطان الثدي يأتي في مقدّمة أنواع السرطان المسجّلة في الجزائر. وفي المؤتمر نفسه، توقّع رئيس مصلحة الأورام السرطانية في مركز بيار وماري كوري الوطني لمكافحة السرطان، البروفسور كمال بوزيد، تسجيل أكثر من 50 ألف إصابة جديدة بالسرطان سنوياً على المستوى الوطني ابتداءً من عام 2025.

من جهتها، أشارت رئيسة الشبكة الوطنية للسجلات، البروفسور دوجة حمودة، إلى 103 إصابات سرطان جديدة لكل 100 ألف نسمة، محذّرة من ارتفاع محتمل لنسب الإصابة بالسرطان مستقبلاً بسبب تغيّر العوامل البيئية والسلوكيات الفردية وارتفاع معدلات التدخين. وأوضحت في المؤتمر الطبي الذي عقد بمناسبة شهر التوعية حول سرطان الثدي، أنّ "الجزائر من بين الدول المرشّحة لزيادة معدّلات الإصابة بالسرطان، والتي قد تصل إلى 61 ألف حالة سنوياً، في حال لم تتّخذ الحكومة الإجراءات الضرورية". أضافت حمودة أنّ سرطان الثدي يأتي في مقدّمة الأمراض السرطانية المنتشرة في الجزائر، مشددة على ضرورة الكشف المبكر عنه. لكنّها لفتت إلى أنّ الإصابة بالسرطان تطاول 14 في المائة من الرجال في سنّ السبعين و15 في المائة من النساء في السنّ نفسها، واصفة النسبتَين بأنّهما منخفضتان جداً بالمقارنة مع بعض الدول المتطورة.

تفيد الشبكة الوطنية لسجلات السرطان في تونس بأنّ سرطان الثدي يأتي في رأس قائمة السرطانات التي تصيب المرأة، يتبعه سرطان القولون والمستقيم، وعنق الرحم، والغدة الدرقية. أمّا بالنسبة إلى الرجل، فيحلّ سرطان القولون والمستقيم أوّلاً يتبعه سرطان البروستاتا، والرئتَين، والمثانة.

في السياق، على سبيل المثال، يستقبل مركز مكافحة السرطان بمدينة وهران (غرب) سنوياً ما بين 800 و1000 إصابة جديدة، منها ما بين 400 و500 إصابة جديدة بسرطان الثدي. يُذكر أنّ الجزائر تسجّل نحو أربعة آلاف وفاة نتيجة سرطان الثدي سنوياً. من جهتها، تسجّل ولاية وادي سوف (جنوب) أكبر عدد إصابات سنوية بالسرطان، إذ إنّ الإحصاءات تشير إلى أكثر من ثلاثة آلاف إصابة بالسرطان خلال السنة الجارية.

ويشرح عضو جمعية "الفجر" لمكافحة السرطان في ولاية وادي سوف، محمد الزغدي، لـ"العربي الجديد"، أنّ "ارتفاع الإصابات في الولاية يأتي نتيجة ضعف التغطية الطبية فيها وعدم الوعي، الأمران اللذان يؤديان في الغالب إلى اكتشاف المرض في المرحلة الثالثة منه وهي مرحلة متأخرة، تستدعي أحياناً عناية طبية مركزة للمصاب، إلى جانب خضوعه إلى علاج كيميائي وآخر بالأشعة". ويشير إلى أنّ "العلاج الكيميائي الخاص بالأورام السرطانية وضع في الخدمة في المركز الجهوي لمكافحة السرطان، ويغطّي ذلك 140 سريراً، الأمر الذي من شأنه أن يساعد في تكفّل أفضل بالمرضى والتقليل من عناء تنقلهم إلى ولايات أخرى لتلقي العلاج".

وفي خطوة تهدف إلى الحدّ من معدّلات السرطان، أعلنت وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات عن استمرارها في تنفيذ أهداف المخطط الحكومي (2015 - 2019) لمكافحة السرطان، وإنشاء لجنة حكومية مشتركة بين قطاعات وزارية عدّة للتكفل بالكشف المبكر عن خمسة أنواع من السرطان تُعَدّ الأكثر انتشاراً في المجتمع الجزائري، وهي سرطان الثدي، والقولون والمستقيم، والبروستاتا، وعنق الرحم، والرئتَين. ويتضمّن المخطط ورش توعية وحملات للتشجيع على الكشف المبكر خصوصاً بالنسبة إلى سرطان الثدي، إلى جانب نشر الثقافة الصحية عموماً.

تجدر الإشارة إلى أنّ أرقام الإصابات الأخيرة دفعت الحكومة الجزائرية إلى استحداث أربعة مراكز جديدة لمكافحة السرطان في ولايات وادي سوف وبشار وأدرار وتيزي وزو، ليصير العدد الإجمالي لهذه المراكز سبعة، في حين رفع التجميد عن مخصصات مالية لمصلحة إنشاء ثلاثة مراكز إضافية ضخمة لعلاج السرطان، منذ العام الماضي، وذلك بعد تجميد مؤقّت نتيجة الأزمة المالية التي تعاني منها الجزائر على خلفية تراجع عائدات النفط.