من هي باية محي الدين التي احتفل بها جوجل

"مجلة جنى" فاطمة حداد الشهيرة بـ باية محي الدين، نسبةً إلى زوجها الموسيقار الأندلسي، الحاج محفوظ محي الدين، فنانة تشكيلية جزائرية الجنسية، ولدت في عام 1931م، وبالتحديد يوم 12 ديسمبر من هذا العام، بضواحي برج الكيفان، وقد كانت يتيمة الأم والأب منذ ولادتها، عكفت جدتها على تربيتها حتى كبرت، كانت باية تقيم مع جدتها عند عائلة من المستعمرين الفرنسيين، حيث كانت جدتها تعمل عندهم بالفلاحة، وفيما بعد عملت باية بالفلاحة كنوع من المعاونة لجدتها التي كانت تعد كل عائلتها.

بداية التحول في حياة باية

منذ بداية عام 1943م، انتقلت باية من العمل بالفلاحة، إلى العمل بأشغال البيت ، عند شقيقة مالك المزرعة التي تعمل بها جدتها، بعد أن قامت تلك المرأة بأخذها إلى بيتها الكائن بالجزائر من أجل ذلك وقد كانت تدعى مارجريت كامينة، وعندما رأت باية بيت السيدة مارجريت لم تصدق عيناها من شدة جماله وروعته، وقد كان انتقالها للعمل عند مارجريت محفز لظهور بوادر موهبتها الفنية، حيث بدأت باية في عمل مجموعة من التماثيل الصغيرة الحجم، والتي تحمل شخصيات الحيوانات المختلفة، وأيضاً شخيصات من صنع خيالها، ولم تكن تستخدم في هذا الفن سوىالطين وأناملها الصغيرة.

عندما رأت مارجريت التماثيل التي كانت تقوم باية بصنعها انبهرت بشدة، وداومت على تشجيعها حتى تستمر في ذلك، ولم يكن تشجيعها لها معنوي فقط، ولكن كانت تشتري لها أدوات الرسم التي تلزمها حتى قامت بعمل لوحات رائعة، أعمال باية لفتت انتباه النحات الفرنسي الجنسية، جون بيريساك، ومن شدة إعجابه بفنها قام بعرض أعمالها على مدير مؤسسة مايغت للفنون، أيمي مايغت ولم يكن هذا الرجل مدير تلك المؤسسة فقط ولكن كان أيضاً مؤلف ومنتج أفلام مشهور، كما كان أيضاً تاجر للأعمال الفنية.

 باية وبابلو بيكاسو

في عام 1947م، تم عرض أعمال باية بمدينة باريس على الجمهور الفرنسي، وقد كانت تلك المرة الأولى، وقد كانت في ذلك الوقت قد بلغت الثالثة عشر من عمرها، وعندما رأى الجمهور تلك الأعمال النابعة من موهبة حقيقية، صنعتها الفطرة انبهروا بها كثيراً حتى أن النقاد لم يصدقوا أن هذا الفن الرائع قد خرج من أنامل تلك الصغيرة التي لم تتجاوز الثالثة عشر من عمرها، وقد شاهد هذا الفن الفطري والتلقائي العديد من الفنانون، واعجبوا به كثيراً، وكان من بينهم الفنان العالمي المعروف بابلو بيكاسو، ولشدة انبهاره بفنها طلب منها أن ترافقه حتى يقوم بتعليمها أصول الرسم، وبالفعل قامت باية بمرافقة بيكاسو وظلت برفقته لشهور طويلة تلقت خلالها كل أصول الفن منه، وهذا ما جعل فنها يمتاز بخليط رائع من الموهبة الفطرية والتعلم على يد فنان عالمي مثل بابلو بيكاسو.

فنها الفطري يجوب شوارع باريس

انتشر فن باية في جميع أرجاء باريس، وقامت مجلة فوج بنشر صورتها وكان عمرها لم يتجاوز 16 عام، وبدأت في عمل مجموعة من الأعمال الفنية الرائعة المصنوعة من الفخار وكانت تلك الأعمال لبلدية بدولة فرنسا، وأثناء وجودها هناك التقت بمؤسس المدرسة التكعيبية جورج براك، وأصبحت باية ترى العالم بشكل مختلف وبطريقة رائعة لم تراها من قبل.

عودتها للجزائر

عند عودة  باية للجزائر، عادت مرة أخرى للعيش مع جدتها، وتزوجت من الموسيقار الأندلسي، محفوظ محي الدين، وقد كانت باية الزوجة الثانية له، كما أنه كان يكبرها بحوالي ثلاثون عام، وبمجرد زواجها انقطعت باية عن مشوارها الفني، لمدت عشرة أعوام، لكنها عادت مرة أخرى لتكمل ذلك المشوار في عام 1963م، وذلك عندما قام المتحف الجزائري، بشراء جميع أعمال باية وعرضها، وقامت مديرة المتحف بمحاولة إقناع باية بالعودة إلى مواصلة فنها من جديد، وبالفعل نجحت في ذلك، وعادت باية للرسم وإنتاج العديد من اللوحات الرائعة التي تم عرضها بعد ذلك في كلا من باريس والجزائر وجميع البلدان العربية، ولم تنقطع باية بعدها عن مواصلة هذا الفن حتى وفاتها في عام 1998م، وبالتحديد يوم 9 من شهر نوفمبر من هذا العام، بمدينة البليدة الجزائرية.