"مجلة جنى" ذكر تقرير لمنظمة "أوكسفام إنترناشونال"، نُشر الإثنين الماضي، ان ثروات أصحاب المليارات حول العالم تشهد نموا بأكثر من 2.5 مليار دولار يوميا، في الوقت الذي يتعرض صافي دخل نصف سكان العالم الأشد فقرا للتضاؤل والانكماش.
ويظهر التقرير أن ثروات أغنى 26 شخصاً في العالم تعادل ثروات وممتلكات 3.8 مليار شخص وان المليارديرات الذين يبلغ عددهم حاليا رقماً قياسياً بنحو 2.208 مليارديرات، يملكون ثروات أكثر من أي وقت مضى، فمنذ الأزمة المالية العالمية قبل عقد من الزمن، تضاعف عدد المليارديرات تقريبًا حول العالم.
ويأتي إصدار التقرير السنوي، قبيل انعقاد المنتدى الاقتصادي العالمي السنوي في دافوس بسويسرا، والذي يجمع أكثر الأشخاص ثراءً ونفوذاً على وجه الأرض.
ويسلط التقرير الصادر بعنوان "الصالح العام أم الثروات الفرديّة؟" الضوء على الفجوة المتزايدة بين الأغنياء والفقراء والتي تقوّض بدورها محاربة الفقر وتضرّ باقتصاداتنا وتفجّر غضب الرأي العام في جميع أنحاء العالم. كما يكشف التقرير كيف تتسبّب الحكومات في تفاقم انعدام المساواة وذلك من خلال إنقاص تمويل الخدمات العامّة كالرعاية الصحية والتعليم من جهة، وعدم فرض ما يكفي من ضرائب لازمة على الشركات الكبرى والأثرياء، والإخفاق في فرض القيود الصارمة اللازمة على المتهربين ضريبياً من جهة أخرى. كما خلص التقرير إلى أن النساء والفتيات هن الأكثر تضررا اقتصادياً من تزايد انعدام المساواة.
وتقول ويني بيانياما، المديرة التنفيذية لمنظمة أوكسفام الدولية:
"لا يجب أن يحدد حجم أموالك بالمصرف المدة التي يقضيها أبنائك في المدرسة أو مدة الحياة التي ستعيشها – إلا أنّ هذا هو الأمر الواقع في العديد من الدول حول العالم. وبينما تتمتع الشركات والأثرياء بفواتير ضريبية مخفّضة، تـُحرَم ملايين الفتيات من التعليم اللائق وتموت النساء بسبب نقص رعاية الأمومة".
ويكشف التقرير أنّ عدد أصحاب المليارات قد تضاعف منذ حدوث الأزمة المالية العالمية فقد شهدت هذه الفترة ولادة ملياردير جديد كل يومين، في الوقت الذي يدفع فيه الأفراد الأثرياء والشركات معدلات ضرائب أدنى ممّا كانت عليه في العقود الماضية.
لو أنّ 1% الأكثر ثراءً بالعالم دفعوا ضريبة إضافية على ثرواتهم بنسبة فقط 0.5% لساهم ذلك في جمع مبلغ كافٍ وزيادة لتعليم 262 مليون طفل غير ملتحقين بالمدارس ولتأمين الرعاية الصحيّة اللازمة لإنقاذ 3.3 مليون شخص من الموت.
إن أربعة سنتات فقط من أصل كل دولار من إيرادات الضرائب التي تُحصل حول العالم، قد أتت من الضرائب على الثروات كالميراث أو الملكية في عام 2015. ولقد تمّ خفض هذا النوع من الضرائب أو إلغاؤه في كثير من الدول الغنية، وقلّما طبّق في الدول النامية.
كما تمّ تخفيض معدلات الضريبة على الأفراد الأثرياء والشركات بشكل كبير. فعلى سبيل المثال، انخفضت نسبة الضريبة المفروضة علي الشريحة الأ علي للدخل الفردي في الدول الغنية من 62% في عام 1970 إلى 38% فقط في عام 2013. ولا يبلغ المعدل المتوسط لهذه الضريبة في الدول الفقيرة سوى 28% فقط.
في بعض البلدان ، مثل البرازيل ، يدفع ال10% الأفقر بالمجتمع الآن نسبة أعلى من دخلهم للضرائب مقارنة بأغنى 10%.
وفي الوقت ذاته، تعاني الخدمات العامّة من النقص المزمن في التمويل أو يجري الاستعانة بشركات خاصّة لتنفيذها والتي تستثني بدورها من هم أكثر فقراً. وتقدّر الأمم المتحدة أن التعليم والرعاية الصحية في الدول النامية يعانيان من نقص في التمويل يبلغ 418 مليار دولار. وفي العديد من الدول، أصبح التعليم اللائق أو الرعاية الصحية الجيدة من أشكال الترف الذي لا يقدر علي تحمله سوى الأغنياء. ويموت كلّ يوم 10 ألاف شخص بسبب عدم حصولهم على الرعاية الصحيّة بتكلفة معقولة. أمّا في الدول النامية، فإحتمال أن يموت طفل من أسرة فقيرة - قبل بلوغه سن الخامسة – هو ضعف احتمال موت طفل منحدر من أسرة غنيّة. وفي دول مثل كينيا، ينال الطفل المنحدر من أسرة غنية ضعف التعليم المتاح لطفل من أسرة فقيرة.
ويفيد خفض الضرائب على الثروة في الأغلب الرجال حيث يملكون ثروات تفوق بنسبة 50% ثروات النساء في العالم، ويسيطرون على 86% من الشركات. وعلى العكس، حين يتم إهمال الخدمات العامّة، تكون النساء والفتيات الفقيرات أكثر المتضررين . ويتم إخراج الفتيات من المدرسة أولاً عندما لا يتوفّر المال لدفع رسوم التعليم، وتمضي النساء ساعات عمل طويلة غير مدفوعة الأجر في رعاية أقاربهن المرضى حين تخفق أنظمة الرعاية الصحية للدولة. فحسب تقديرات منظمة أوكسفام، لو أنّ شركة واحدة أنجزت جميع أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر التي تؤدّيها النساء في جميع أنحاء العالم فستبلغ مبيعاتها السنوية 10 تريليون دولار – أي 43 ضعف مبيعات شركة آبل، أكبر شركة في العالم.
وتضيف بيانياما "إن الناس في جميع أنحاء العالم غاضبون ومحبطون. علي الحكومات الآن احداث تغييرا حقيقيا من خلال ضمان دفع الشركات والأفراد الأثرياء حصصهم العادلة من الضرائب واستثمار هذه الأموال في الرعاية الصحية المجانية والتعليم اللذين يلبّيان احتياجات الجميع - بما في ذلك النساء والفتيات اللواتي غالباً ما تهملن احتياجاتهن. يمكن للحكومات أن تبني مستقبلاً أكثر إشراقاً للجميع – وليس فقط للأقلّية المميزة".