"مجلة جنى" في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين شمال لبنان، افتتحت "سينما المخيم"، وهي أول مشروع سينمائي في المخيمات بدعم من برنامج الشباب الفلسطيني.
ترمي الفكرة إلى إنعاش الواقع الثقافي في المخيم عبر تكريس أهمية الأفلام كمصدر معرفي من شأنه الإسهام في صقل ثقافة الشباب الفلسطيني بتوسيع مخيلته بعرض القضايا التي تهم المجتمع الفلسطيني من زاوية سينمائية.
يقول سعيد عبد العال المشرف على "سينما المخيم" "منذ سنوات تحرص مجموعة من الشباب الفلسطيني في مخيم نهر البارد على خلق مبادرات عدة تتعلق بتفعيل الجو الثقافي الوطني داخل المخيم، وفكرنا مليا بأهمية خلق مساحة بصرية لشباب وشابات المخيم".
ويضيف عبد العال "في البداية عملنا على عرض أفلام من خلال نصب شاشة عرض في شوارع ونقاط أساسية في الأحياء والحارات ومن ثم تحول هذا المشروع إلى سينما بعد أن تلقينا تمويلا".
مواجهة نتفليكس
تهدف "سينما المخيم" إلى خلق مساحات آمنة للشباب الفلسطيني في لبنان تحميه من كل الآفات السلبية الناجمة عن تردي الأوضاع المعيشية وازدياد نسبة البطالة، بالإضافة إلى الإسهام في تشجيع الشباب على التعبير عن هواجسهم ومشكلاتهم عبر النقاشات التي تتلو العروض، وتوعيتهم على كافة الآفات الاجتماعية التي من شأنها حرف البوصلة عن فلسطين كالمخدرات والتطرف الديني، وتسعى السينما لتعزيز الهوية الفلسطينية الجماعية مقابل الهويات الحزبية الصغرى.
كما أن التحديات التي تواجهها السينما الفلسطينية عموما والأفلام الوثائقية خصوصا كانت دافعا أساسيا لإنشاء سينما المخيم، بالإضافة إلى تطور السينما الفلسطينية في السنوات الأخيرة عبر العديد من الأفلام لمخرجين فلسطينيين، منها أفلام وصلت إلى قوائم جوائز عالمية.
يقول عبد العال "الاحتلال يعمل على خرق مجالات تسويق الأفلام الفلسطينية في العالم، بالإضافة إلى عمله على ضخ إنتاجات ومحتوى بكثرة في السنوات الأخيرة خصوصا على شبكة "نتفليكس" دون تنبّه وزارة الثقافة الفلسطينية أو المؤسسات المهتمة بالأفلام في فلسطين".
فيلم وحلقة نقاشية كل أسبوع
وتحتوي "سينما المخيم" أفلاما هادفة ذات مضمون شبابي يدعم القضية الفلسطينية ويناهض الاحتلال، كما تتضمن أفلاما ووثائقيات وأعمال درامية معدة من قبل مخرجين أفراد ومنظمات أهلية ودولية فاعلة في المخيمات الفلسطينية في لبنان.
وتعرض السينما فيلما كل أسبوع، ولا يقتصر هذا النشاط على العرض فقط، بل يتلو ذلك حلقة نقاش حول أهمية الفيلم ومضمونه ومدى تأثيره على القضية الفلسطينية.
يقول عبد العال "حتى الآن لدينا مكتبة تحتوي ما يقارب خمسين فيلما جاهزا، بالإضافة إلى العمل على تجهيز مكتبة رقمية على الحاسوب الخاص بسينما المخيم.
ويردف "يتم اختيار العروض من قبل فريق العمل، ولكل عرض ثمة هدف متّصل بهدف سينما المخيم، حيث يتلاءم الفيلم مع الهدف العام من خلال النقاش الذي يلي الفيلم، إذ عملنا في الفترة السابقة على تيسير عروض مرتبطة بقصص نجاح أفراد كانوا مدمني مخدرات، بالإضافة إلى عروض مرتبطة بالسياق الوطني الفلسطيني، كما تم عرض فيلم يحاكي قضية العنف المنزلي وأثره على المجتمع".
قبول واستحسان
فكرة السينما لاقت تقبلا من شباب المخيم الذين عبروا عن إعجابهم بهذه الفكرة التي من شأنها توعية الشباب تجاه قضاياهم وإبعادهم عن الآفات الاجتماعية بالإضافة إلى خلق جيل واع.
يبرز ذلك الاستحسان من خلال تفاعل شباب المخيم مع صفحة سينما المخيم على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال اقتراح أفلام يفضلون مشاهدتها ومناقشتها.
يقول حسن، لاجئ فلسطيني من المخيم، "من خلال سينما المخيم تعرفنا أكثر على قضيتنا الفلسطينية وعلى هموم الشعب الفلسطيني، هنا نقضي وقتا مليئا بالفائدة، نشاهد الفيلم ثم نناقشه ونناقش تأثيره وأبعاده".
وتسعى "سينما المخيم" إلى تجهيز مكتبة أفلام تعنى بالإنتاجات البصرية المتعلقة بالقضية الفلسطينية وقضية اللجوء لتصبح موردا بصريا لكل المهتمين بالسينما العربية منها والعالمية.