«الزهرات الست»... بإبرة وخيط انطلقن من غزّة وغزلن نجاحاً

"مجلة جنى" كخلية نحل وتحت سقف واحد، تتقاسم ست شقيقات من غزّة الأدوار باستخدام الإبرة والخيط لحياكة عروق الثوب الفلسطيني الفلاحي الزاهي الألوان بدقة وجمال، ويسابقن الزمن لإنهائه تجهيزاً لتصديره.

ضمن مشروع "الزهرات الست" تكاملت الشقيقات في العمل واتخذن من حرفة التطريز الفلاحي مصدر رزق لهن، بعدما تحدين البطالة وقلة فرص العمل مستثمرات مهاراتهن المتنوعة لتحقيق النجاح.

تحمل بنات عائلة شعشاعة شهادات في تخصصات جامعية، غير أنهن قررن شق الطريق معاً في مجال آخر. وهن نور - 31 عاما - خريجة تخصص هندسة حاسوب، ندرين - 30 عاما - تصميم داخلي، بدور - 29 عاما - خدمة اجتماعية، بسمة - 26 عاما – إرشاد، رواية - 24 عاما - تحاليل طبية، وهبة - 22 عاماً– حقوق.

ينتج المشروع مشغولات يدوية متنوعة منها الثوب الفلسطيني، حقائب يدوية مطرّزة، تحف، أدوات منزلية، ووسادات كلها تحمل الصبغة التراثية الفلسطينية، ويجري التسويق لها "أونلاين" بحيث استطاعت الوصول إلى أسواق عربية وأوروبية عدة.

عن بداية الفكرة تقول بدور: "نملك موهبة التطريز الفلاحي منذ صغرنا، وكنا نستثمر الاجازات الصيفية لتعلم هذه الحرفة وأحيانا نتعلم بعض التصاميم خلال الحصص المدرسية المختصة بالتدبير المنزلي، وتساعدنا والدتنا في ذلك". وتضيف: "بعد تخرجنا من الجامعة كان صعباً علينا إيجاد فرص عمل نظراً إلى الواقع المعروف. في البداية بدأنا صنع تصاميم معينة على مستوى العائلة والجيران، وبعدما وجدنا تشجيعا وإعجابا بأعمالنا أنشأنا صفحة على فيسبوك سميناها "الزهرات الست"، وكانت هذه الفكرة لوالدي قبل وفاته لأنه أراد أن يضمن لنا مستقبلنا في ظل الظروف المعيشية الصعبة في القطاع".

يوما بعد يوم بدأ مشروع "الزهرات الست" يكبر ويتطور مما دفعهن إلى استقطاب أيدٍ عاملة من خارج العائلة، وهناك 20 سيدة يعملن معهن حالياً ويوفّرن مصدر دخل لأسرهن.

أهداف أخرى

لم يكن هدف مشروع "الزهرات الست" مادياً فحسب، كما توضح بدور: "نحن لا ننكر أن الهدف الرئيسي من مشروع التطريز هو البحث عن بدائل لنا وايجاد فرصة عمل ورزق، إنما هناك أهداف أخرى لنا كفلسطينيات، فقد أردنا تشجيع العرائس على اقتناء أثواب فلسطينية مطرّزة بالعروق الفلسطينية كبديل عن الفساتين البيضاء، فهذا جزء من تراثنا الذي كانت تتمسك به أمهاتنا وجداتنا في أفراحنا الفلسطينية. لذا نعمل على حياكة أثواب تعود أصولها إلى البلدة الأصلية التي هُجّرت منها العروس قبل نكبة الـ48، وهذا يجعلنا نحافظ على تراثنا أمام ما يعانيه من طمس".

يواجه مشروع "الزهرات الست" عراقيل عدة أبرزها الحصار وإغلاق المعابر مما يمنع وصول بعض مواد الخام إلى غزّة وارتفاع سعرها، كما يواجهن صعوبة التسويق خارج القطاع.

تطمح "الزهرات الست" إلى افتتاح مصنع يضم أكبر عدد من العاملات الغزيّات، ونشر ثقافة اقتناء قطع تراثية تحمل الهوية الفلسطينية في كل دول العالم، وإنشاء مراكز حرفية لتعليم مهنة التطريز الفلاحي.