المرأة بإرادتها قادرة على تحقيق المُستحيل

"مجلة جنى" ريم مسروجي / رئيسة جمعية إنعاش الأسرة

يأتي الثامن من آذار هذا العام وقد أثقل كاهل وطننا الكثير من الأعباء، فالكورونا من جهة وممارسات الإحتلال البغيضة من جهة أخرى وما يُصاحب هذا الإحتلال من تضييق إقتصادي ومعاناة إجتماعية وسياسية .

في يوم المرأة نستذكر المرأة الفلسطينية التي ما توانت يوماً عن مساندة الوطن ومساندة عائلتها وزوجها وأبناءها وبناتها وفي كثير من الأحيان والدها وأخوتها. نستذكر تلك الفلسطيينيات اللاتي لم يحتجن إلى أي نوع من التمكين ليكن جنباً إلى جنب مع الرجل في كل الميادين. نستذكر سميحة خليل وهند الحسيني وعصام عبد الهادي ودلال المغربي وليلى خالد وغيرهن من المُناضلات والأمهات والسيدات العاملات في الحقول والسيدات اللاتي كن يخطن الثياب لأبنائهن واللاتي كن يقفن بجانب المناضلين المدافعين عن الوطن. كذلك  نستذكر أمهات الشهداء وأمهات الأسرى . وكذلك اليوم أرى أننا نسير في الإتجاه الصحيح وأفتخر بكل السيدات اللواتي يشغلن مناصب عليا في الوطن من وزيرة إلى محافظة  إلى رئيسة جهاز إحصاء إلى  ريادية شابة في مقتبل عمرها إلى شيف تتألق وتدخل هذا المجال بقوة، وغيرها  الكثير من المجالات التي لم تعد حكرا على الرجل.

عندما أسست السيدة سميحة خليل جمعية إنعاش الأسرة كانت تُريد أن تدعم صمود الشعب الفلسطيني وتحمي الأسرة الفلسطينية من براثن الإحتلال وبنفس الوقت أرادت أن ترى المرأة تقف جبناً إلى جنب مع الرجل في العمل وفي تحقيق الدخل. وعندما أسست السيدة هند الحسيني دار الطفل العربي كانت تُريد أن تحمي الأطفال الذين تشردوا من جراء الإحتلال الغاصب . فلم تفكر السيدتان لحظة في كونهما نساء ولم يضعن هذا العامل معيقا لهما ولتفكيرهما ولرؤيتهما في تقديم ما فيه خير للمجتمع.

يُقال دائماً أن المرأة تقوم بأعمال غير محسوبة مادياً ولكن لو تم حسابها فسيكتشف المجتمع أنها تقوم بدور عظيم. فعبئ البيت والأسرة هو عبئ يحمله إثنان فمثلما يقول المثل  الشعبي " القفة أم ذانتين بيشلوها اثنين" والبيت والأسرة والعائلة هي كذلك ، إن لم يتعاون الرجل والمرأة على حملها فلن تستطيع العائلة التقدم والإزدهار.

تأتي أهمية تمكين المرأة في كافة الميادين السياسية والإقتصادية والإجتماعية من منطلق التكامل والإنجاز.  فالمجتمع الذي يعتمد على الذكور فقط سينقصه التوازن والتكامل تماماً كالإنسان الذي يمشي على رجل واحدة مع أن الله منحه رجلتان صحيحتان، أو كمن يستعمل يدا واحدة من يديه مع أن يده الثانية ليست مكسورة وليست معطلة. ولم تكن السيدة الفلسطينية في يوم من الأيام بعيدة عن ميدان الكفاح النضالي والحياتي، فقد كانت دائما هناك. وكانت دائما اليد والرجل الثانية للرجل تساعده وتوازن الإنجازات وتتكامل معها.

في عملي كإمرأة، سواء في الشركات الربحية أو كرئيسة لجمعية نسوية ، أحرص على وجود المرأة في الميدان وفي كل الوظائف. لا أرى أبداً أن هناك عوائق أمام تولي المرأة أي منصب أو أي وظيفة إذا كانت تمتلك الخبرة والمؤهلات العلمية لها. وأدعو المجتمع أن يخرج من الأحكام المسبقة والصورة النمطية للمرأة ، فمثلا لم نعتد بعد على رؤية المرأة في منصب مثل رئيسة حزب سياسي، أو رئيسة المجلس التشريعي، أو رئيسة دولة، ولا زلنا نتحدث عن الكوتا النسائية!  كذلك فإننا لا نستيطع أن نرى المرأة كرئيسة عمال في ورشة أو طبيبة قلب، أو رئيسة مستشفى، أو عاملة بناء أو سائقة عمومي، وغيرها من الوظائف والمهن التي نعتقد أنها لا تمتلك القدرة الجسدية أو القدرية القيادية التي تؤهلها لشغلها.

أرى أن توجيه المرأة نحو التعليم مهم جداً، ولا أتحدث هنا عن التعليم الأكاديمي فقط. فقد يكون لدينا فائض في التعليم الأكاديمي أتمنى أن يكون لدينا خطة إستراتيجية للتعليم تخدم أهدافنا كشعب وتردم الثغرات الموجودة والنقص في الخبرات وتهذب الطاقات للسير بها إلى خدمة المجتمع ورفعته. أرى المرأة متعلمة في مختلف المجالات العلمية والعملية وكل منهما لا يقل أهمية عن الآخر.

قد تكون النظرة الدونية للمرأة في بعض المجتمعات هي مساس في حقها كإنسان ومساس في كينونتها التي خلقها الله عليها. كما ذكرت سابقا فقد قطعنا شوطاً في فلسطين في طريق إستلام المرأة لوظائف مهمة ولكن لم نصل بعد إلى المكان الذي نريد. نريد أن ينظر المجتمع للمرأة ليس بصفتها كائناً ضعيفاً يحتاج إلى المعونة ولكن نريد أن ينظر لها المجتمع أنها يده ورجله التي تعينه في الوصول إلى الأهداف التي يريدها الجميع.  

ختاما، أقول للمرأة بشكل عام وللمرأة الفلسطينية بشكل خاص في هذا اليوم: أنت قادرة على تحقيق المستحيل، كل ما يمكن أن تريدي ، تستطيعين تحقيقه إن امتكلت الإرادة. لا تنتظري أحدا ليعطيك ما تستحقين، إعملي وجدي واجتهدي وتحدي كل المعيقات فإنك تستطيعين تحقيق المستحيل. سيري على درب قائداتنا الفلسطيينيات الرائدات، سيري على درب النضال والكفاح وظلي نبراسا يضيء عتمتنا في وجه الإحتلال الغاصب.