أصغر مخرجة في كان ثاني امرأة تتوج بسعفته الذهبية

المهرجان يبجّل الشباب على المخضرمين والسعودية تتصدر المشاركين العرب.


جوليا دوكورنو تقدم سينما من نوع جديد

"مجلة جنى" منح مهرجان كان السينمائي مساء السبت جائزة السعفة الذهبية للمخرجة الفرنسية جوليا دوكورنو عن فيلمها “تيتان”، في ختام الدورة الرابعة والسبعين من هذا الحدث الذي لمّ شمل أسرة السينما العالمية بعد غياب فرضته جائحة كوفيد – 19. ومثل هذا الفوز إضافة إلى بقية الجوائز مفاجأة لمحبي السينما ومنتجيها على حد سواء.

 قال المخرج الأميركي سبايك لي رئيس لجنة التحكيم في مهرجان كان السينمائي إن فيلم “تيتان” للمخرجة الفرنسية الشابة جوليا دوكورنو فاز بالسعفة الذهبية كأفضل فيلم، وذلك قبل الموعد المقرر للكشف عن اسم الفائز بالجائزة.

وفي لحظة من الارتباك، وعندما سئل باللغة الفرنسية عن إحدى الجوائز، قرأ لي ما هو مكتوب في بطاقة بيده، وكشف قبل الأوان اسم الفيلم الفائز بالجائزة الكبرى فيما كان يُفترض أن يكشف اسم رابح جائزة أفضل ممثل.

ولم تكن هذه أول مرة يحدث فيها خطأ خلال حفل لتوزيع الجوائز، ففي حفل توزيع جوائز الأوسكار عام 2017، جرى الإعلان عن فوز الفيلم الغنائي “لا لا لاند” بجائزة كأفضل فيلم بينما كانت الجائزة في حقيقة الأمر من نصيب فيلم (مون لايت).

فيلم جدلي

يبعث المهرجان السينمائي العالمي رسالة انفتاح كبرى من خلال تقديم مكافأته الأبرز للمخرجة البالغة 37 عاما، أصغر المتنافسين في المسابقة الرسمية وإحدى النساء الأربع الوحيدات في المنافسة. ويكرّم بذلك مخرجة تميزت بأسلوبها الصادم ذي التوجهات النسوية.

وأصبحت جوليا دوكورنو ثاني امرأة تفوز بالسعفة الذهبية لمهرجان كان بعد المخرجة جين كامبيون التي فازت بالجائزة عام 1993 عن فيلم “ذا بيانو”.

وتدور أحداث فيلم “تيتان” في أجواء خيالية ويتناول قصة سفاح. وأثار انقساما بين النقاد حيث أشاد البعض بما فيه من إبداع بينما انتقده آخرون بسبب أسلوبه الأهوج والفوضوي.

ويتسم الفيلم الفائز هذا العام، وهو من بطولة أغات روسيل والممثل الفرنسي فنسان لاندون، بأسلوب معاصر ينطوي على أكبر قدر من العنف والسوداوية بين الأعمال التي شاركت في المنافسة هذا العام.

وقالت دوكورنو خلال المهرجان “أحد أهدافي كان دائما إدخال ‘الأفلام الغريبة‘ إلى مهرجانات تتوجّه للعامة، لوقف نبذ أحد أقسام الإنتاج الفرنسي في مجال السينما”.

وأشارت المخرجة إلى أن نوع الأفلام التي تقدمها “يتيح التطرق إلى الفرد والخوض بعمق في مخاوفنا ورغباتنا”.

يبدأ فيلم “تيتان” بحادث سيارة تتعرض له أليكسيا، الشخصية الرئيسية في العمل، خلال طفولتها فيما كان والدها خلف المقود. وقد كادت أن تموت لولا صفيحة من التيتانيوم أُدخلت إلى دماغها.

ويصور الفيلم البطلة في أولى سنوات الشباب، وتؤدي دورها الممثلة المبتدئة أغات روسيل التي حصد أداؤها ثناء كبيرا من النقاد. وتعيش الفتاة الصغيرة بجسد تسكنه كتلة معدنية تنمو داخلها.

وكانت المخرجة تركت أثرا قويا في مهرجان كان بفيلمها الطويل الأول “رو”، وهو قصة صادمة عن طالبة في الطب البيطري تستحيل إلى آكلة لحوم البشر.

وفي الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، حظيت المخرجة بدعم نايت شيامالان، أحد أبرز الأسماء في مجال أفلام الرعب، وقد كلفها بإخراج حلقتين من مسلسله “سيرفانت”.

وبعد حصولها على السعفة الذهبية، تذكرت دوكورناو مشاهدتها لمراسم توزيع الجوائز منذ صغرها، وقالت إنها “كانت متأكدة من أن جميع الفائزين يجب أن يكونوا مثاليين”.

وقالت “الليلة أنا على هذه المنصة وأعرف أن فيلمي ليس مثاليا، لكنني لا أعتقد أن أي فيلم مثالي في نظر الشخص الذي أنتجه”.

وأضافت “أدرك أن النقص أزمة، وأن الوحشية التي تخيف البعض ويركز عليها عملي هي بمثابة سلاح وقوة لزحزحة جدران المعيارية التي تحبسنا وتفصلنا“.

ويشكّل منح دوكورنو هذه الجائزة رسالة بالغة الأهمية للصناعة السينمائية التي تشهد أكثر من أي وقت مضى إعادة نظر منذ أربع سنوات في ما يتعلق بمكانة المرأة والمساواة بين الجنسين، على إثر قضية المنتج السينمائي السابق هارفي واينستين ثم حركة “مي تو”.

تتويجات سينمائية


تكريم استثنائي

كان فيلم دوكورنو واحدا من 24 فيلما تُشكل المسابقة الرئيسية لهذا العام في مهرجان الأفلام الرائد في العالم، والذي أقيم على خلفية عدم اليقين العالمي الناجم عن أزمة فايروس كورونا.

وبعد التخلي عن حدث العام الماضي وسط هجمة الجائحة، كان لدى منظمي المهرجان عدد كبير من الأفلام المتراكمة للاستفادة منها في الاختيار الرسمي لهذا العام.

وعاد المهرجان إلى الساحة الفنية الفرنسية بعد توقفه عام 2020 بسبب جائحة فايروس كورونا وسط ترحيب كبير من محبي الفن السابع والمنتجين والفنانين.

وقد أفرد المهرجان هذا العام مساحة كبيرة للسينمائيين الشباب على حساب أسماء آخرين مخضرمين، بعضهم يعمل خلف الكاميرا منذ سبعينات القرن الماضي مثل بول فيرهوفن الذي أثار فيلمه “بينيديتا” عن راهبة مثلية في القرون الوسطى، خيبة أمل لدى المتابعين، أو ناني موريتي الذي كان يطمح لنيل السعفة الذهبية للمرة الثانية مع فيلمه “تري بياني”، لكنه خرج من المنافسة خالي الوفاض.

وعلاوة على السعفة الذهبية نجد من بين الفائزين الكبار الآخرين ليوس كاراكس الذي حصل على جائزة أفضل مخرج عن الفيلم الموسيقي “أنيت”.

وفازت رينات راينسفي بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم “ذا وورست بيرسون إن ذا وورلد” للمخرج يواكيم ترير وهو فيلم كوميدي رومانسي معاصر لاقى نجاحا كبيرا لدى النقاد.

وفاز كاليب لاندري جونز الذي لعب دور البطولة في الفيلم الأسترالي “نترام” بجائزة أفضل ممثل.

وذهبت جائزة لجنة التحكيم إلى فيلمين وهما “عهدز ني” أو “ركبة عهد” للمخرج الإسرائيلي ناداف لابيد، و”ميموريا” للمخرج التايلاندي أبيشاتبونج ويراسيتاكول.

وتقاسم جائزة التميز الكبرى فيلم “كومبارتمنت نمبر6” للمخرج جوهو كوزمانن والذي تدور أحداثه حول امرأة تنطلق في رحلة بالقطار عبر روسيا وفيلم “هيرو” للمخرج الإيراني أصغر فرهادي ويحكي قصة سجين يواجه مأزقا أخلاقيا.

كما شكلت الحفلة الختامية مناسبة لمنح سعفة فخرية للمخرج الإيطالي ماركو بيلوكيو الذي قدم فيلما وثائقيا شخصيا للغاية بعنوان “ماركس يمكن أن ينتظر”، بعد خمسة عقود من العمل الملتزم، لم يتوان فيها عن انتقاد المؤسسات العسكرية والدينية.

مشاركة عربية


المهرجان السينمائي العالمي يبعث رسالة انفتاح كبرى وقد أتاح مساحة كبيرة للسينمائيين الشباب على حساب آخرين مخضرمين

حصد الأربعاء الفيلم المصري “ريش” للمخرج عمر الزهيري الجائزة الكبرى في مسابقة أسبوع النقاد الرسمية بالنسخة الرابعة والسبعين من مهرجان كان السينمائي.

وكان الفيلم، وهو من إنتاج مصري فرنسي هولندي يوناني مشترك، قد عرض في اليوم قبل الأخير من المسابقة. وهو واحد من فيلمين عربيين شاركا في تلك المسابقة الهامة التي تضم سبعة أفلام. ولاقى “ريش” استحسان الجمهور والنقاد الذين حضروا العرض.

وإضافة إلى الفيلم المصري تحصّل الفيلم الروائيّ “أمّ صالحة” للمخرجة الفرنسية ذات الأصول التونسية حفصية حرزي على جائزة العمل المتكامل ضمن قسم “نظرة ما” بمهرجان كان السينمائي 2021.

ويحكي فيلم “أم صالحة” قصة نورا، امرأة في عقدها الخمسين من العمر، تعمل معينة منزلية وتعتني بعائلتها الصغيرة في أحد أحياء مدينة مرسيليا الفرنسية.

وعلى هامش النسخة الرابعة والسبعين لمهرجان كان السينمائي، أعلن السبت “مركز السينما العربية” عن الأفلام العربية المنتجة عام 2020 الفائزة بجائزة النقاد في نسختها الخامسة بحضور عدد من السينمائيين العرب وانتشال التميمي مدير مهرجان الجونة السينمائي المصري.

وذهبت جائزة أفضل فيلم وثائقي إلى فيلم “عاش يا كابتن” إخراج مي زايد من مصر، ونالت الفلسطينية هيام عباس جائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم “غزة مونامور”، فيما ذهبت جائزة أحسن ممثل لبطل فيلم “200 متر” الفلسطيني علي سليمان، ومنحت جائزة أفضل سيناريو للمخرجة التونسية كوثر بن هنية عن فيلمها “الرجل الذي باع ظهره”، بينما نال فلسطيني ثالث هو المخرج أمين نايفة جائزة أفضل إخراج عن فيلمه “200 متر”، أما جائزة أفضل فيلم روائي فذهبت إلى فيلم “غزة مونامور” إخراج عرب وطرزان ناصر من فلسطين أيضا.

في هذه الدورة من مهرجان كان السينمائي كانت المشاركة العربية الأبرز من نصيب السعودية عبر جناح كامل، وشكّل الجناح منصة للحوار المفتوح بين منتجي الأفلام والمستثمرين السعوديين والعرب مع نظرائهم من مختلف جنسيات العالم، حيث شهد إقامة ندوات وجلسات نقاش متنوعة تناولت آفاق تطوير السينما في المملكة والعالم العربي، ومدى قدرتها على الوصول إلى العالم.