ناديا حبش.. أول امرأة فلسطينية يسارية تفوز بمنصب نقيب في نقابة المهندسين

"مجلة جنى" في أول انتخابات نقابية تجرى منذ أربعة أعوام، حقّقت كتلة العزم المهنية، وهي تحالف بين حركة حماس والجبهتين الشعبية والديمقراطية لتحرير فلسطين، فوزاً صريحاً في انتخابات نقابة المهندسين الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، حيث تفوّقت مرشحة الكتلة ناديا حبش، وهي من أعلام اليسار الفلسطيني، على منافسها سامي حجاوي، مرشح حركة فتح، الأمر الذي اعتبره محلّلون ونشطاء رسالة احتجاج واضحة تجاه السلطة الفلسطينية وحركة فتح، وانتصاراً للنهج الثوري المناهض لقمع الحريات.
وفي تصريح مقتضب لـ"العربي الجديد"، قالت حبش إنها اليوم باتت تمثّل كل المهندسين الفلسطينيين، وأنّ هدفها هو الدفاع عن حقوقهم ومصالحهم، كما تعزيز مكانة النقابة أسوة ببقية النقابات في حماية الحقوق والحريات التي باتت مهددة في الآونة الأخيرة، مؤكدة أنّ الشارع الفلسطيني توّاق للتغيير على مختلف الصعد، وقد أعطى صوته لمن يحافظ على النهج الثوري ويعزّز حرية الرأي والتعبير. 
وشدّدت حبش على أنّ الناس قادرون على اختيار من يمثّلهم ويعبّر عنهم، حال أتيحت لهم الفرصة، وعلى كلّ الأطراف قراءة هذه النتائج قراءة واعية بعيداً عن التعصب، والعمل بشكل وحدوي للخروج من المأزق الحالي، والدفع باتجاه استكمال العملية الديمقراطية على صعيد النقابات وصولاً إلى الانتخابات التشريعية والرئاسية.  
وبرز اسم حبش عندما تعرّضت مع العشرات من الناشطين لاعتداء جسدي بالضرب والسحل من قبل عناصر من الأمن الفلسطيني، خلال وجودهم أمام مقرّ شرطة "البالوع" في مدينة رام الله، في الخامس من الشهر الماضي، احتجاجاً على اعتقال الشرطة، حينها، مجموعة من الصحافيين والناشطين. 

وتمّ اختيار حبش واحدةً من أكثر من خمسين مهندساً معمارياً مؤثراً في الشرق الأوسط عام 2018، وذلك بعد عملها لعقود على ترميم الأماكن التراثية في فلسطين.
وحبش هي أول امرأة فلسطينية مسيحية يسارية تفوز بمنصب نقيب. 
وتنافست في الانتخابات عدّة قوائم، أبرزها قائمتا: "المهندس الفلسطيني" التابعة لحركة فتح و"العزم المهنية" التحالفية بين حماس والجبهتين الشعبية والديمقراطية، لاختيار مجلس نقابة يتكوّن من 15 عضواً على مستوى الضفة، لكن التنافس يكون على أشده على اختيار مناصب: الرئيس ونائبه، وأمين السر كما أمين الصندوق.

وتجرى الانتخابات بنظام انتخاب ثلاثة مستويات، وتضمّ انتخاب مجلس النقابة، وانتخاب لجنة فرعية لكلّ محافظة، وانتخاب أعضاء المؤتمر العام الذي يُعتبر كبرلمان ويختلف من فرع لآخر بحسب حجم المحافظة.
من جهته، قال حجاوي لـ"العربي الجديد" إنّ شريحة المهندسين تسعى للتغيير، كغيرها من شرائح المجتمع، من خلال صندوق الاقتراع، ما ينمّ عن وعي وإدراك لحساسية المرحلة. وأشار إلى أنّ الانتخابات جرت في أجواء تنافسية ديمقراطية، ولم تشوبها شائبة، وأنّ ما حدث في بعض المواقع لم يؤثّر على سير العملية الانتخابية.
وتابع: "لا شك أنه يجب استخلاص العبر من النتائج، لا أحد يريد لفتح أن تكون ضعيفة حتى أشدّ المعارضين لها، لكنني بالمقابل أرى أنه من الخطأ جرّ النقابات لمربّع السياسة والصراعات السياسية، كما أنني ضدّ تجيير ما جرى مع بعض الزملاء لصالح فئة أو أخرى".
بدوره، أعرب الكاتب والمحلّل السياسي جهاد حرب عن تخوّفه من انعكاس نتائج انتخابات نقابة المهندسين على بقية النقابات، بحيث تمتنع السلطة عن إجرائها في مواعيدها المقرّرة خشية تكرار النتيجة ذاتها، وخسارة مرشّحي حركة فتح.
وقال حرب لـ"العربي الجديد": "إنّ فوز حبش تحديداً، ومعها التحالف على مستوى مكتب النقابة بالضفة وبمعظم الفروع على مستوى المحافظات، له دلالة سياسة أنّ المجتمع يريد للأحرار الذين يقفون ضد القمع أن يكونوا على قمة الهرم، وما هذه النتيجة إلاّ تكريم للمناضلين والمدافعين عن حقوق الإنسان".
وتابع: "أخشى أن تدفع هذه النتائج قيادة السلطة وفتح إلى إلغاء الانتخابات لبقية الاتحادات والنقابات، وقد تترك أثراً أيضاً على قرار إجراء الانتخابات المحلية في البلديات والمجالس المحلية، المتوقعة في نوفمبر/ تشرين الثاني القادم".
وشدّد حرب على أنّ المطلوب اليوم من مجلس نقابة المهندسين، وفي مقدمتهم النقيب الجديد (حبش)، الارتقاء بمهنة الهندسة ورفع مكانة العمل الهندسي، وكذلك الالتفات إلى دور النقابة أسوة ببقية النقابات والاتحادات في حماية الحريات، ضمن المساهمة المجتمعية للنقابات.
واعتبرت الجبهة الشعبية وحركة "حماس" أنّ فوز قائمة العزم برئاسة نقابة المهندسين في الضفة هو نجاح لخيار المقاومة ورفض لسياسة القمع وانتهاك الحريات.
وقالتا في بيانهما المشترك، اليوم الجمعة، الذي وصلت نسخة منه إلى "العربي الجديد": "لقد جاء هذا الفوز الكبير وبهذا التحالف الوطني الواسع الذي قادته الجبهة الشعبية وحركة حماس ليثبت القدرة على العمل الوطني المشترك بعيداً عن التفرّد، كما يعبّر هذا الفوز عن التمسك بخيار المقاومة كطريق وحيد لتحرير الأرض والمقدسات، كما يؤكد الإجماع الشعبي والوطني على رفض القمع وانتهاك الحريات". 
وتضمّ نقابة المهندسين، التي تأسّست عام 1963، في عضويتها قرابة 27 ألف مهندس ومهندسة، في الضفة والقدس.