" مجله جنى " نضال الاشقر "مش من زمان" روت لنا حكايتها في البيت الوالدي المشبع عقيدة ونضالا. روت تفاصيل من زمن الاضطهاد القومي والذي عايشته طفلة تراقب والدتها تخبىء ناشطا سياسيا وتحمل الزوادة الى حيث يختبىء أسد الاشقر مع رفاقه القوميين. وتعرض جانبا من طرافة العيش القروي ان مع خوري الضيعة، او حيث تشبهت بالنورية ترقص وسط الساحات ملء جسدها.
قبل نحو ستة اشهر، حضرنا عرض "مش من زمان" في ختام احتفالية مسرح المدينة بعيده العشرين، وقد ارادت نضال المناسبة احتفالا كبيرا امتد على عشرين يوما تماشيا مع العيد العشرين، لانها – والكلام لها- لن تتمكن من حضور احتفالية السنوات العشرين التالية.
روت الأشقر ذكريات طفلة صغيرة في بيت أهلها في الجبل. قصة تليها الأخرى ويرافقها خالد العبد الله وزياد الاحمدية بين كل قصة بتقديم أغنيات تراثية أعادت الحضور إلى الزمن الجميل. واصلت سردها إلى أن وصلت إلى ما هي عليه اليوم. ثم غنت، ولم تكتف بالكتابة، والاخراج، والانتاج، فانشدت، لتكمل عرض المواهب التي اتقنتها.
مناسبة هذا التذكير هو احتفاء الجامعة الانطونية الثلاثاء 23 الجاري بمحطات نضال الفنانة المسرحية نضال الاشقر وضمها الى لائحة "اسم علم" التي اطلقتها الجامعة قبل سنوات، وكرمت من خلالها اعلاما منهم بولس الخوري (فيلسوف اللاكمال) واحمد بيضون (علم المعاني والمباني) وجورج خضر (اسقف العربية) وانطوان حميد موراني (علم كنيسة الرجاء) وناصيف نصار (علم الاستقلال الفلسفي) ومي منسى (حبر تعشقه الكلمة) وصلاح ستيتيه (ماء الشعر ناره)....
وانضمام نضال الاشقر الى اللائحة، بموروثاتها السياسية العقائدية، وانتمائها الحزبي ولو مستترا، يؤكد بما لا يقبل الشك ما ذهب رئيس الجامعة الاب جرمانوس جرمانوس في خطابه في عيد الجامعة، بقوله ان الجامعة الانطونية "مدموغة بطابع التعددية وتنوع الثقافات".
والاشقر فنانة مسرحية لبنانية لعبت في الستينات والسبعينات دوراً أساسياً في تحريك الفن المسرحي اللبناني والعربي محاولة تحديثها وتجديد تعابيرها ولغتها وأدواتها. أسست مع مجموعة من الفنانين اللبنانيين "محترف بيروت للمسرح" ومع فنانين عرب أسست فرقة "الممثلون العرب" التي جالت في عروضها مختلف البلاد العربية والأوروبية.
ولاحقا "كرست حياتي لهذا المسرح (مسرح المدينة الذي اطلقته في العام 1996)، ولا شك في أنني أعتبره منارة أساسية لمدينة بيروت، منارة نور ومعرفة وفن وخلق وإبداع، فهو مهم للمدينة ولرواد المسرح، لذلك أنا سعيدة جداً بأننا أطلقنا هذه التظاهرة، أي احتفالية مرور عشرين عاماً على تأسيس مسرح المدينة".
وفي المناسبة قالت نضال: منذ صغري وأنا أحلم أن يكون لي مسرح في مدينة بيروت. بدأت مُحاولاتي في الثمانينات من القرن الماضي. أيام الحَرب. بَقيت الحروب الضارية مُندلعة في كل مكان ولم يَتسنّ لي أن أفتح المسرح أو حتى أن أجد مسرحا قبل عام 1993". الأيام الأولى في كليمنصو؟ تذكرها نضال الأشقر جيداً. وقبل الإفتتاح، "حتى قبل أن تبدأ عملية ترميم المَسرح"، علّقت الأشقر جداراً أبيض اللون على المدخل وراح عشرات المُبدعين يُوقّعون عليه ليُظهروا، على طريقتهم، تضامنهم مع عودة الروح إلى بيروت.