ما سر حركة “هز فنجان القهوة” لدى العرب؟

" مجله جنى ".. لتقديم القهوة العربية عادات وآداب راسخة في كل مجتمع عربي بشكلٍ عام وفي المجتمع السعودي بشكلٍ خاص.

إذ للقهوة تقاليد لا يُمكن التنازل عنها في طريقة الضيافة والتقديم إلى كمية القهوة في الفنجان وعادة “هز الفنجان” التي يقوم بها الضيف عادةً في المجلس.

ورُبما لفت انتباهك قيام الملك سلمان بن عبد العزيز بتعليم الرئيس الأمريكي “ترامب” طريقة “هز الفنجان” بعد الانتهاء من قهوته التي قُدمت له أثناء زيارته للمملكة العربية السعودية في اليومين الماضيين.

فما الأصل في حركة هز الفنجان بعد الاكتفاء من شرب القهوة؟

عادة هز الفنجان من العادات القديمة التي بقيت راسخة في مجتمعاتنا الأصيلة. وبدأت هذه العادة عند العرب قديمًا عندما كان شيوخ المجالس يُعينون شابًا أخرس أطرش لصب وتقديم القهوة في مجالسهم حتى لا يتنصت لحديثهم ولا يُفشي أسرارهم.

ومن أجل أن يعلم “القهوجي” أن الشيخ اكتفى من قهوته، يقوم الشيخ بهز فنجانه كدلالة مرئية على الاكتفاء. إذ تُعتبر حركة “هز الفنجان” من الحركات التي تدخل في لغة الإشارة لدى العرب. وهي حركة تعبيرية تتألف من حركتين لكلٍ  منها معناها الخاص:

  • الحركة الأولى: وذلك عبر دفع راحة اليد التي تحمل الفنجان إلى خارج الجسم قليلًا. وهي تعني طلب الابتعاد بالقهوة.
  • الحركة الثانية: رفع راحة اليد المذكورة للأعلى والتوقف للحظات مع هز الفنجان. أما هذه الحركة، فتعني طلب التوقف عن صب القهوة. وبهذا يعلم من يصب أن الضيف اكتفى ويبتعد عنه.

وبقيت هذه العادة على الرغم من قدمها، راسخةً في المجتمعات العربية خاصةً الخليجية والبدوية. وعلى الرغم من اختلاف مجالس الشيوخ، إلا أن العادات التي ارتبطت بتقديم الضيافة والقهوة للضيوف بقيت في محلها وتناقلها الرجال جيلًا  بعد جيل.

عادات أخرى ارتبطت بتقديم القهوة العربية..

ليست فقط عادة “هز الفنجان” ما يُميِّز طريقة تقديم القهوة العربية، بل هناك مجمل عادات أخرى يُحافظ عليها شيوخنا في مجالسهم العربية.

من هذه العادات:

  • طريقة التقديم: إذ يجب تقديم الفنجان باليد اليُمنى وإمساك دلة القهوة باليد اليُسرى، ومن المُعيب أن تُقدَّم القهوة باليد اليُسرى لما فيها من إهانة للضيف.

  • الكمية في الفنجان: عادة “صبة الحشمة” المعروفة في المجتمعات العربية البدوية من العادات الأصيلة المرتبطة بحسن الضيافة.

إذ يجب عدم ملء الفنجان على الرغم من صغر حجمه. وذلك بصب القهوة في الفنجان للثلث. وفي حال زادت الكمية عن ذلك، فهذا يعني أن الضيف غير مرحب به وعليه أن يُغادر المجلس سريعًا.

  • عدد مرات الشرب: أما آخر ما يُميِّز عادات شرب قهوتنا العربية، فهي المسميات الخاصة التي تُطلق على كل فنجان يشربه الضيف!
  1. فنجان الهيف: وهو أول فنجان يُقدّم ويشربه المضيف ليُثبت للضيف أن القهوة لا تشكو من سوءٍ  يُؤذيه.
  2. فنجان الضيف: ثاني فنجان ويشربه الضيف ويدل على الكرم.
  3. فنجان الكيف: الفنجان الثالث الذي يدل على أن الضيف يستمتع بالطعم والمجلس.
  4. فنجان السيف: يرمز إلى أن الضيف يقف مع مُضيفه في حال تعرض لأذى أو اعتداء.

وحتى اليوم، لا تزال قهوتنا العربية من العلامات المميزة لكل مناسبة في كل منزل عربي. فهي جزء أساسي من حلهم وترحالهم. كما أنها الرفيق الأول في مجالس الفرح والترح، وأداة مهمة للتعبير عن المشاعر في مختلف المجالس والمناسبات.