صور: الشاب “إرحيم” يتحدى الإعاقة ويشق طريقه بآلة ”CNC“


الشاب ابراهيم 'إرحيم'

غزة - مجلة جنى - يقف الشاب إبراهيم إرحيم صاحب الثلاثين عاماً، على عُكازه ، ممسكاً بلوح خشبي رُسم عليه أشكالاً هندسية مُختلفة بطريقة جميلة، وهو من الأشخاص ذوي الإعاقة الحركية يسكُن قطاع غزة.

وتخرج إرحيم من قسم إدارة الأعمال باللغة الإنجليزية في جامعة الأزهر، ثم امتهن حرفة الحفر على الخشب بإستخدام آلة الـ(CNC) وكانت هذه المهنة بمحض الصدفة.

وبعد أن تخرج من جامعته، لم يكن أمامه سوى خيارين، إما الجلوس في المنزل والالتحاق بكشوفات الحالات الإنسانية التابعة لبرنامج الأمم المتحدة وهذه كان مرفوضاً جملةً وتفصيلاً، أو البحث عن بدائل جديدة.

كان ابراهيم متمسكاً بالبحث عن بدائل في سوق العمل الفلسطيني بشيء غير تقليدي للأشخاص ذوي الإعاقة يتناسب مع التطور، فبعد لقائه بصديقه عصام الشوا وهو أيضاً من الأشخاص ذوي الإعاقة، استطاعوا بناء فكرتهم في الحصول على آلة الحفر على الخشب، وتمكنوا من التواصل مع عدد من مؤسسات المجتمع المدني التي تهتم بالمشاريع الصغيرة، دون الاهتمام إلى إعاقتهم.

وتمكن إرحيم وصديقه عصام من توفير آلة الحفر على الخشب بتكلفة (7 ألاف دولار أمريكي) عن طريق أحدى المؤسسات الداعمة، ولم يكن لديهم أي فكرة في التعامل مع هذه الآلة.

وفي وقت لاحق، وبإصرار شديد، استطاع الشابين من الحصول على التدريبات اللازمة، التي مكنتهم من استخدام الآلة بالطريقة الصحيحة، وأنشأ الشابين ورشة صغيرة خاصة بهما ليمارسا أعمالهم في الحفر على الخشب وعرض ما يتم إنتاجه للزبائن بطريقة خاصة.

تشجيع الأهل

ولم يكن تشجيع العائلة بالمستوى المطلوب؛ كون المهنة جديدة، وتحتاج لجهد جسدي كبير، وأن الحالة الجسدية لإبراهيم لن تسمح له بالوقوف خلف آلة الحفر على الخشب ممسكاً بعُكازه لوقت طويل.

ولكن فيما بعد، استطاع إبراهيم أن يقُنع أهلهُ بأنه قادر على العمل والخروج بنتائج جيدة تناسب سوق العمل، وأن حالته الجسدية والإعاقة لن تقف حاجزاً بينه وبين طموحه، وتُمكنه من الخروج للمجتمع بأشياء جديدة تناسب الواقع بدمج الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع.

التسويق

استطاع إبراهيم تسويق مُنتجاته من خلال مواقع التواصل الإجتماعي بعرض المُنتج على الجمهور، وآلية الحفر على الخشب بإستخدام آلة الـ (CNC)وشهد ذلك إقبالاً كبيراً من الجمهور على شراء واقتناء هذه المُنتجات الخشبية كونها ذات أشكال عصرية ومميزة.

محمود إرميح، أحد الزبائن المهتمين بأعمال الحفر على الخشب، وخلال الحديث معه عن اهتمامه بالمُنتجات الخشبية وحرصه على اقتنائها، قال: "هذا الفن من الخشب يُدخل إلى نفسي السرور والبهجة كون المنتجات صُنعت بأيادي أشخاص من ذوي الإعاقة استطاعوا التغلب على الواقع والوقوف بوجه المستحيل".

ويوضح إرميح أنه بصدد شراء منتجات جديدة من صناعة الشابين ارحيم والشوا، لتجهيز بيته لحفل زفافه، ليكون ذو طابع عصري أنيق كما يسعى.

المعيقات التي واجهت عملهم

عدم ثقة الزبائن بهم، كان حاجزاً يقف بين الشابين والزبائن؛ كونهما من الأشخاص ذوي الإعاقة، حيث كان إبراهيم يقف خلف آلته على "عُكازه" يمارس مهنته، أو يتجول على كرسيه المٌتحرك داخل المعارض التي يشارك بها.

وتشكل أزمة إنقطاع التيار الكهربائي أكبر المعيقات أمام عمل الشابين داخل الورشة، حيث تصل ساعات انقطاع التيار الكهربائي في قطاع غزة إلى 12 ساعة قطع مقابل 4 ساعات وصل، وهذا كان عثرة أمام تشغيل الآلات واستمرار العمل الذي يقوم بالأساس على التيار الكهربائي .

وأدى تردي الوضع الاقتصادي في قطاع غزة إلى ضعف العرض والطلب على المُنتجات، وساهم في تشكيل حالة ركوض اقتصادي، لم تُمكن إبراهيم ورفيقه من العمل بالشكل المطلوب في مهنتهما.

ممثلة مؤسسة ديكونيا /ناد، احدى المؤسسات المهتمة بذوي الاعاقة في قطاع غزة، حنين السماك ، قالت بأن مشروع إبراهيم هو مشروع فريد من نوعه للأشخاص ذوي الإعاقة، حيث مكنهم من مواكبة المجتمع بطريقة صحيحة، والخروج لسوق العمل بمنتجات ذات جودة وكفاءة عالية.

ودعت السماك المؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني إلى إعادة النظر في تفعيل دور الأشخاص ذوي الإعاقة ومنحهم مزيداً من الثقة، لأن قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رقم 4 لعام 1999، قد كفل للمعاق مجموعة واسعة من الحقوق التي تسمح له بالعيش بكرامة وحرية ومساواة مع باقي المواطنين.

وبحسب إحصائية أصدرها الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن عدد الأشخاص ذوي الإعاقة البالغين أكثر من 18عاماً، يبلغ 27 ألفاً، منهم 17 ألفاً يعانون من إعاقة حركية.