لحسن ملواني: القدس الشريف في لوحة التشكيلية التونسية حنان دربال

"مجلة جنى" اعتاد المشاهد للوحات حنان دربال الانتظار بشوق لريشتها وهي تغوص لسبر أغوار المرأة وقضاياها المتعددة والمتشابكة لتمتعه بإبداعاتها العميقة والمؤثرة… إنها الفنانة التي كرست جزءا من حياتها الفنية لرصد جوانب كثيرة من هنات ومنعطفات في حياة المرأة. إلا أن الفنانة قررت فجأة الانتقال بنا إلى قضايا وطنية وإسلامية ، فهاهي تولي وجهها نحو فلسطين ، البلد الذي عانى وظلم ومايزال كذلك إلى هذه اللحظة.

في قلب اللوحة ، وبخطوط وألوان بارزة تنتصب قبة المسجد الأقصى كعلامة بارزة منقوشة في قلوب المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ، القبة محاطة بمبانيَ كثيرة غير بارزة التقسيمات ، وهي ممتدة في الأفق وكأنها تحيل على امتداد صورة فلسطين في قلوب المسلمين و المسيحيين.فلسطين ، البقعة المقدسة الحاملة للمسجد الأقصى ، قال تعالى (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله ). في فلسطين آثار إسلامية شهيرة في مقدمتها مساجد لا يعرفها الكثيرون ومنها الجامع العمري ،ومسجد عمر ، ومسجد الراق … من هنا جاءت اللوحة لإعادة الانتماء الروحي للمسلمين إزاء فلسطين وما تحويه من مقدسات لا يجب نسيانها.

اللوحة تتوزعها ألوان ساخنة وباردة بتدرجات فنية راعت الأبعاد الجمالية والمنظورية لمفرداتها … الألوان بهذه الشاكلة تحيل على المعاناة وعلى الطموح في الانعتاق وعلى الصمود والتمسك بفلسطين كمكان مقدس يستحق ذلك…

كل مفردات اللوحة مفردات نابضة تجمع بين الوضح والضبابية ، وتجمع بين السطحي والعميق ، وبهذا التزاوج بين الأبعاد إشارة إلى عمق الإحساس بالقضية الفلسطينية ، هذه القضية التي كانت حاضرة بكثافة في أعمال التشكيلين الفلسطينيين قديما وحديثا (أعمال تمام الأكحل ، سليمان منصور ، إسماعيل شموط ، فتحي غبن ، فائز الحسني ، خالد نصار ، منال أبوصفر ، وغيرهم ….). حضور حمل ويحمل هاجس الطموح في التحرر واستعادة المفقود. وتبقى لوحة حنان دربال مساهمة في إيقاظ الغيرة وشعور الانتماء الروحي لفلسطين بكل ما تحمله من أبعاد دينية وحضارية للأمة الإسلامية.

المصدر: رأي اليوم