جيهان الأحول : سيدة البحر الاحمر التي جسدت عنفوان المرأة الأردنية

عمان - مجلة جنى - نضال العضايلة - الحديث عن المرأة الأردنية بصفة عامة وبعيدا عن أي تصنيفات  ضيقة، يعني أساسا الحديث عن نماذج حية من  الكفاح وتحدي مختلف العوائق المجتمعية والتقليدية من اجل التحديث والعصرنة والوصول لحياة أفضل.

للمرأة الاردنية دور فاعل وعظيم في زمن النهضة الوطنية، وسجلات التاريخ الأردني المعاصر تحتفظ بأسماء وقامات متميزة لنسوة حفرن الصخر بأصابعهن سعيا وراء أهداف سامية ومثل عليا، ولكنني وسعيا مني لإلقاء الضوء على نموذج نسوي خاص، آثرت أن تكون البداية مع السيدة جيهان الاحول، وما لها من دور حافل  في البناء الحضاري والمجتمعي وبما تتميز به من صبر مشهود وثقة عالية بالنفس وإستعداد جم وغريزي وبشكل يخالف بالكامل كل الدعايات المشوهة و المشبوهة والمرفوضة والتي سوقت لصورة المرأة الأردنية بشكل مزيف وفج على كونها عنوان للاتكالية والتمرد وما شابه ذلك من التصانيف الغريبة والبعيدة كل البعد عن عوالم الواقع و مراراته و إشكالياته المعقدة.

لقد ساهمت الاحول  من خلال صور وصيغ عدة في المسيرة النسوية في بلد لا زال بعيداً بشكل كبير في مجال بناء الثقة  وبناء مجتمع الحداثة و العدالة.

ولعل السيدة التي خرجت من رحم البحر الاحمر، قد بنت على مدار سنوات عديدة سياجا من الثقة بينها وبين الآخرين، منا أهلها لتكون ذات رؤية واضحة وثاقبة في إطار مساعيها لنشر ثقافة العمل التطوعي، ولنشر عطاؤها الذي لا ينضب مستندة إلى خبرة طويلة، وساعدها بذلك قدرتها على إدارة الأزمات وتوحيد مفردات العمل العام.

ام سوار قررت أن ترفع صوتها، لا من أجل أن تسمع، ولكن من أجل سماع كل هؤلاء الذين لا صوت لهم، وهي تدرك أن لا مفر من بعض الفشل في الحياة، ومن المستحيل أن نحيا دون فشل في أمر ما، إلا إن كنت تحيا بحذر شديد فهذا يعني أنك في الواقع لم تعش على الإطلاق، في هذه الحالة، ستكون قد فشلت عن عمد، لذلك كله حولت حياتها لنجاح دائم، ورفدتها بتفاصيل أكثر مما كان الآخرون يتوقعون، فاثبتت لهم أنهم واهمون، وأن الفشل لا يعرف طريقه إليها.

انعم الله عليها بمواجهة  اللحظات الحرجة في رحلتها، وتمكنت من لمّ شتات نفسها من جديد، لتصبح متواضعة بما يكفي للتعلّم، وأن كانت قد قست أبداً على نفسها.

في حياة الاحول الأحلام جميلة، لكنها مجرد أحلام، عابرة، زائلة وساحرة، لكن الأحلام لا تتحول إلى واقع لأنها فقط حلمت بها، إنه العمل الشاق الذي يجع الأمور تتحقق، إنه العمل الشاق الذي يصنع التغيير، لهذا صنعت جيهان التغيير، موقنة أنه أمر لا بد منه.

تنظر جيهان الاحول نظرة مختلفة إلى الرجل، ربما تراه مركزاً للسعي الدائم، من العمل إلى متابعة الأخبار إلى الرغبة في تحقيق إنجازاته اليومية أو المستقبلية، كل هذه المشاغل لا تترك له فرصة للنظر نحو العالم بنظرة أكثر تفهماً وعمقاً، على عكسها تماما بالرغم من إنشغالها الدائم هي الأخرى في الحياة وواجباتها التي يمكننا أن نراها أكثر زخماً من واجبات ومشاغل الرجال، تملك تلك النظرة، أو الحاسة ربما، التي تمكّنها من فهم العالم بنحو أكثر عمقاً، أكثر فهماً، والأهم أكثر تصالحاً.

لقد اخترت  اليوم الكتابة عن هذه القامة النسوية الأردنية لأنها صاحبة النجاح المؤثر في الحياة والقوة في المواقع التي عملت فيها، باختلاف هذه المواقع والأعمال، لكنها حملت تلك النظرة التي أقصدها، وهي إمكانية فهم العالم بنحو مختلف وملهم.

ام سوار تتقن العديد من الأدوار وتجتمع بها العديد من الصفات بامتياز وباستثنائية لا يستطيع أي من الرجال إتقانها، فهي خلقت معها منذ التكوين بالصبر والرقة والحنان والحب والغيرة والجمال والأنوثة والطيبة المتواضعة.

ولا يخفى على المجتمع الأردني أننا أصبحنا نتلمس أثر مشاركة جيهان الاحول  الفاعلة في حياتنا وعلى مختلف المستويات والأشكال ومساهماتها الكبيرة في عملية النهضة بمختلف جوانبها الإنسانية والثقافية والاقتصادية والعلمية والابداعية التي كان لها فيها دور هام وبارز لا يمكن تجاهله، إلى جانب ما قامت به من إبداعات تطورت معها سبل الحياة، وواضح ذلك من إيمانها برسالتها الخالدة وقدرتها على العطاء التي فاقت كل الحدود.

هذه هي سيدة البحر الاحمر التي خاضت التجارب الفريدة ونجحت في وضع بصمة لها في كل عمل اتقنته.