متاحف عالمية.. العجز أو بيع المقتنيات الأثمن

"مجلة جنى" تدرس الأكاديمية الملكية للفنون  في لندن بيع المنحوتة الرخامية التي تعرف بعنوان "تاداي توندو" (العذراء والطفل) للفنان مايكل أنجلو لسد الأزمة المالية التي تمر بها بسبب أزمة كوفيد-19 وشهور الحجر والإغلاق. العمل يعدّ أحد أهم ما قدّم الفنان ويصوّر النقش  الدائري الكبير والبارز  (1504) العذراء مع المسيح والقديس يوحنا المعمدان، وقد حصلت الأكاديمية عليها عام 1830 هدية من مقتنيها جورج بومونت. 

وكانت أصوات بعض العاملين في الأكاديمية قد ارتفعت خلال الفترة الماضية، مطالبة ببيع عمل أنجلو بدلاً من الاستغناء عن نصف الموظفين تقريباً، لاسيما وأن ثمن العمل مئات الملايين من الجنيهات، لا سيما وأن لوحة ليوناردو سالفتاتور موندي بيعت بـ 450 مليون دولار عام 2017، ولا يتوقع أن تقل قطعة أنجلو عنها، علماً أن عجز الأكاديمية يقدر بـ 8 ملايين جنيه إسترليني.

وبحسب صحيفة "آرت نيوز"، فإن هذه ليست المرة الأولى التي تفكر فيها الأكاديمية ببيع "تاداي توندو"، فقبل أربعين عاماً أوشكت على بيعها حين لم تحصل على دعم حكومي مناسب.

على المتاحف الاختيار بين القيم التي تحمي المقتنيات، أو حماية المؤسسات وإبقائها مفتوحة

الفاعلون في قطاع الفنون انقسمت آراؤهم بين من يجد في البيع حلاً، ومن يعتبر أن ليس من حق الأكاديمية تجريد البلاد من ملكية هذه الأعمال التي تعد ثروة وطنية لا تخصّ الأكاديمية وحدها. 

في أميركا الحال ليس أفضل، فلأول مرة، حصلت المتاحف التي تكافح والتي تلاشت إيراداتها تقريباً بسبب وباء فيروس كورونا على الضوء الأخضر من جمعية مديري المتاحف الفنية لبيع القطع من أجل "رعاية مجموعاتهم". ويأتي هذا التوجّه بعد سنوات من اتباع مدوّنة سلوك تمنع المتاحف من بيع الأعمال الفنية لدفع فواتيرها.

عادة، يتم تشجيع المتاحف فقط على بيع الأعمال الفنية إذا كانت العائدات تعزّز مجموعة أكبر، حدث ذلك مثلاً مؤخراً حين باع "متحف بالتيمور للفنون" عدّة قطع من أرشيفه للحصول على المزيد من أعمال النساء والفنانين الملوّنين.

والحقيقة إن هذه اللحظة التي لم يسبق وأن جربتها هذه المؤسسات، تضع القائمين عليها أمام التفكير في ما هو أهم؛ القيم التي جرى الاتفاق عليها سابقاً وجماعياً وتحمي المقتنيات، أم المرونة والاهتمام اليوم بحماية المؤسسات وإبقائها مفتوحة، ويبدو أن كلّ رأي له من يؤيده ويملك الحجج المنطقية لتبريره. 

من جهة أخرى، فإن الأعمال التي تسعى بعض المتاحف إلى بيعها هي في هدايا من مقتنين، وهذه الهدايا كان لها شروط وتقاليد عند تقديمها إلى المتحف، ومن أهم شروطها عدم بيعها، وهناك من يشترط السماح لكل الفنانين برؤيتها ودراستها، مثلما فعل مقتني عمل مايكل أنجلو عند إهدائه إلى الأكاديمية. 

وما يحدث عند بيع هذه الهدايا أن هذا لا يقلّل فقط من الأعمال المتاحة للجمهور ويحرمهم من أهمها، بل إنه يثبط المانحين الذين قد يخشون أن تباع أشياءهم العزيزة في أي وقت لمن يدفع أعلى سعر لتعويض النقص في ميزانية المتحف. 

المصدر: العربي الجديد