"تحدي السكري".. مبادرة صحية مجتمعية تقودها امرأة لتغيير نمط الحياة

نجوى الحسن: البداية لم تكن سهلة وبالإرادة والرياضة والحمية نتغلب على المرض

"مجلة جنى" - كأول تحدٍّ لنشر الوعي بخطورة السكري ومضاعفاته في المجتمع، تواصل منذ 3 سنوات مبادرة "تحدي السكري" في نابلس، التي تديرها نجوى الحسن المتخصصة في علم الأحياء، جهودها بنشر هذه المبادرة الصحية التوعوية المجتمعية الهادفة إلى تغيير نمط الحياة للأفراد عامة، ولمرضى السكري والضغط بشكل خاص.

وتعد المبادرات المجتمعية ضرورة حضارية ومؤشراً على حيوية المجتمع، لأنها تدل على تماسك المجتمع وتلاحمه، وتسد ثغرات قد لا يكون بوسع المؤسسات الرسمية القيام بها، لتكون هذه المبادرات بمثابة عون للارتقاء بالمجتمع والنهوض به والاستجابة للتحديات التي تواجهه، وتتعدد هذه المبادرات وتتنوع ما بين التعليم والتوجيه والتعريف بالحقوق والصحة.

تقول مديرة مشروع مبادرة "تحدي السكري" نجوى الحسن لـ"القدس": "إن البداية لم تكن سهلة، ولم يكن هناك تجاوب وتفاعل من مديريات الصحة، كونها مبادرة جديدة، لذلك قمت بالتنسيق مع الجمعيات النسوية، من أجل تشكيل مجموعات للمصابين، وهكذا كانت البداية في تنفيذ العديد من الأنشطة التي تدخل في إطار تحدي السكري، ومنها جلسات إرشادية في العيادات والجمعيات والمؤسسات لمرضى السكري والضغط، والهدف من تلك الجلسات التعايش مع مرض السكري، وليستفيد أيضاً من هم معرضون لوقايتهم من الإصابة بالمرض".

وتؤكد الحسن: "من أجل حياة صحية ونفسية أفضل للجميع، ولأن مرض السكري يعد مشكلة تهدد المجتمع، لما له من أعباء صحية واجتماعية واقتصادية، كونه أحد أخطر أمراض العصر المزمنة في كل العالم وليس فقط في فلسطين، ولمعرفة تأثير برنامج المبادرة على حياة المستفيدين، قمنا بقياس السكري للمرضى قبل الدخول في برنامج العناية الذاتية، وحرصنا على متابعة قياس الضغط للمرضى في كل الجلسات لمعرفة تأثير برنامج العناية الذاتية على حياتهم الصحية والنفسية ومتابعة قياس الوزن للمرضى وتشجيعهم على الوصول إلى الوزن المثالي".

وتوضح الحسن: "اجتهدنا على تطبيق عملي لتمارين التوازن، خاصة لكبار السن، من خلال تنفيذ جلسات ستانفورد في العيادات والمجالس القروية، وركزنا على تعريفهم بالغاية من استعمال الأدوية، وتصحيح المعلومات المغلوطة، وتوجيههم بذلك، إضافة إلى تنظيم ورشات عمل في المدارس، وتعليم اللجان الصحية قياس الضغط والسكري، والتدريب على برنامج العناية الذاتية، لكي يكونوا مثقفين للمرضى في محيطهم".

قبل 3 أعوام تقدمت نجوى الحسن لمشروع مبادرة "تحدي السكري"، وتم قبولها من قبل مؤسسة Healing across the divides، لإدارة هذا المشروع، الذي حمل شعار (يداً بيد نتحدى السكري، بالإرادة والرياضة والحمية).

الانبثاق من مشروع "تحدي السمنة"

والمبادرة كانت بإشراف نادي أهلي بلاطة البلد، وانبثقت من مشروع (تحدي السمنة) الذي كان بالتعاون مع جمعية الدفاع عن الأسرة، وبعدها جاءت فكرة إطلاق مشروع (تحدي السكري) من إياد دويكات أحد أعضاء الهيئة الإدارية في نادي أهلي بلاطة البلد.

وسعت مبادرة "تحدي السكري" إلى حياة صحية نفسية أفضل للجميع، وركزت على الهدف الأساسي منها بتغير نمط الحياة للأفراد عامة ولمرضى السكري والضغط خاصة، إلى نمط صحي ورياضي عبر تطبيق برنامج جامعة ستانفود للعناية الذاتية، ليستفيد من مشروع المبادرة الصحية المئات من مرضى السكري والضغط والمعرضين لهما في 20 موقعًا في نابلس، بحسب مديرة مشروع المبادرة نجوى الحسن.

والمواقع التي انتشرت فيها مبادرة "تحدي السكري" في مدينة نابلس هي: بلاطة البلد، بيتا، مخيم عسكر الجديد، مخيم عسكر القديم، دير الحطب، روجيب، إسكان روجيب، بيت فوريك، حوارة، راس العين، النصارية، الباذان، عقربا، أوصرين، عورتا، بيت إيبا، المخفية، قوصين، جماعين، بورين، البلدة القديمة من مدينة نابلس.

جلسات ستانفورد للعناية الذاتية تشمل: طرق المحافظة على النسب الطبيعية للسكر والضغط، وكذلك جلسات عن تقنيات التنفس الصحيح، وجلسات عن التغذية الصحية، وجلسات عن النشاط البدني وتمرينات خاصة تناسب المرضى لممارستها في منازلهم، إضافة لجلسات للتعامل مع الضغوط النفسية، وجلسات لتوجيههم إلى التفكير الإيجابي لإبعادهم عن الأفكار السلبية تجاه المرض ومضاعفاته، بالتالي تقل نسبة القلق والاكتئاب لديهم، وأيضا جلسات عن طرق تناول الأدوية بالشكل الصحيح.

ولم تتوقف أنشطة المبادرة الصحية، بحسب نجوى الحسن، على الجانب الإرشادي، وإنما تشمل الأنشطة الميدانية الداعمة للجلسات، لتعزيز وترسيخ كل المفاهيم التي تم التعريف بها، حيث تنوعت الأنشطة الميدانية مابين مسارات المشي، والرحلات الترفيهية، ودورات: إدارة الوقت، الاتصال والتواصل، تطريز وإكسسوارت، رسم على الزجاج، ديكور، إسعاف أولي، تصنيع غذائي، صناعة الصابون، زراعة منزلية وغيرها، علاوة على الزيارات المنزلية للمرضى الذين لا يتمكنون الوصول للعيادات.

تركيز المبادرة وأنشطتها التوعوية

وتركز مبادرة "تحدي السكري" على أهمية الوجبات الصحية، وتنظيم ورش عمل توعوية لطلاب المدارس لنقل الرسائل الصحية لذويهم، كما شبكت المبادرة مع الجامعات من أجل عقد دورات تدريبية لطلاب الجامعات من قبل الأطباء المتطوعين على برنامج ستانفورد، للراغبين في التطوع مع المبادرة.

وشكلت نسبة النساء المستفيدات من مشروع مبادرة "تحدي السكري" 70٪ من المستفيدين، إذ تعتبر مديرة المشروع نجوى الحسن أن ذلك إنجاز، كما أن جميع المشغولات التي تم إنتاجها من مطرزات ورسم على الزجاج وغيرها تم بيعها وريعها كان لمشروع "تحدي السكري"، من أجل شراء شرائح الفحص وغيرها، كون الداعمين للمشروع يدعمون الجانب التثقيفي فقط.

ولأن أهم المسببات في انتشار داء السكري خصوصاً النوع الثاني هي اتباع أنماط الحياة غير الصحية، إضافة إلى مشكلة السمنة وزيادة الوزن، أعدت المبادرة برامج وخططاً للوقاية من السكري والحد من مضاعفاته، لتشجيع كل المصابين والأصحاء على ممارسة الرياضة بانتظام، وجعلها نمط حياة، خاصة ربات البيوت، فبعد تدريبهن والتزامهن بالرياضة تم تعليمهن كيفية القيام بالأعمال المنزلية بحركات رياضية لا تؤثر على الجسم.

بعد العام الأول لمشروع مبادرة "تحدي السكري" حققت المبادرة تفاعلًا كبيراً واهتماماً، ونسقت مع القطاع الحكومي، خاصة القطاع الصحي، من أجل المرضى الذين يتوجهون للعيادات، وبدأت المبادرة تتوسع لتشمل الجمعيات والمراكز النسوية، وحققت المبادرة أهدافها بانخفاض معدلات السمنة، وانتظام السكري بين المشاركين.

المصدر: القدس